قيام الساعة وإلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وما يكون بعد ذلك, وفيها أبلغ رد على قول رشيد رضا أن الله تعالى إنما أعلم نبيه ببعض الغيوب بما أنزل عليه في كتابه.
يوضح ذلك الوجه الرابع وهو ما جاء في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أوتيت مفاتيح كل شيء إلى الخمس (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)».
وروى الإِمام أحمد أيضاً عن عبد الله - وهو ابن مسعود رضي الله عنه - أنه قال «أوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم مفاتيح كل شيء غير خمس (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)» قال ابن كثير إسناده حسن وقال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.
وفي هذين الحديثين دليل على أن الله تعالى قد أطلع نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على كثير من المغييات مما لم يذكر في القرآن, وفيهما أبلغ رد على قول رشيد رضا أن الله تعالى إنما أعلم نبيه ببعض الغيوب بما أزل عليه في كتابه.
الوجه الخامس أن يقال إن الرواية بالمعنى جائزة روي ذلك عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقد تقدم تقرير ذلك في الكلام على حديث الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فليراجع هناك (?).
الوجه السادس أن أقول قد ذكرت فيما تقدم (?) أن الله تعالى أقام للسنة جهابذة نقاداً بينوا أحوال الرواة وميزوا الثقات من المجروحين وبينوا أسماء الوضاعين وذكروا أحاديثهم الموضوعة ولم يتركوا شيئا من الأحاديث التي وضعتها الزنادقة وأرادوا بها الدس على ضعفاء البصيرة إلا وقد نبهوا عليها, وكذلك قد نبهوا على الأحاديث المنكرة والأحاديث الضعيفة, وبسبب هذه العناية جاءت الأحاديث الصحيحة خالصة صافية من الشوائب.