الثاني عشر من مسند الإِمام أحمد فقد رد في صفحة 124 إلى أثناء صفحة 129 من هذا الجزء على الذين لعبوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه» الحديث رواه الإِمام أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه والبيهقي, وقال في أثناء رده عليهم ما نصه.
«لم نر فيمن تقدمنا من أهل العلم من اجترأ على ادعاء أن في الصحيحين أحاديث موضوعة, غاية ما تكلم فيه العلماء نقد أحاديث فيهما بأعيانها لا بادعاء وضعها والعياذ بالله ولا بادعاء ضعفها, إنما نقدوا عليهما أحاديث ظنوا أنها لا تبلغ في الصحة الذروة العليا التي التزمها كل منهما. وهذا مما أخطأ فيه كثير من الناس ومنهم أستاذنا السيد رشيد رضا على علمه بالسنة وفقهه, ولم يستطع قط أن يقيم حجته على ما يرى, وأفلتت منه كلمات يسمو على علمه أن يقع فيها, ولكنه كان متأثراً أشد الأثر بجمال الدين ومحمد عبده وهما لا يعرفان في الحديث شيئاً, بل كان هو بعد ذلك أعلم منهما وأعلى قدما وأثبت رأياً لولا الأثر الباقي في دخيلة نفسه, والله يغفر لنا وله انتهى المقصود من كلامه.
وقال الشيخ محمد يوسف الكافي التونسي في كتابه «المسائل الكافية, في بيان وجوب صدق خبر رب البرية» «المسألة التاسعة والثمانون» تقدم لنا أن الذين تخرجوا على الشيخ جمال الدين الأفغاني والذين تخرجوا عمن تخرج عنه يفسرون القرآن برأيهم وينكرون بعض ما ثبت في الشرع ويعتمدون على أقوال الكفار ويهجرون قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وقول الراسخين في العلم من المسلمين, وعندهم كلام الله تعالى ككلام البشر يتصرفون فيه بغير علم فيحق عليهم الوعيد انتهى المقصود من كلامه.
ومما ذكرته عن هؤلاء العارفين حق المعرفة برشيد رضا يتبين لكل عاقل أنه لا ينبغي الاعتماد على كلامه ولا الالتفات إلى رأيه وتفكيره إذا كان مخالفا للأحاديث الثابتة.
الوجه الثاني أن يقال إن أقوال رشيد رضا ليست ميزانا توزن به الأحاديث النبوية فيقبل منها ما وافق أقواله ويرد ما خالفها, وإنما الميزان الأسانيد فما صح منها فهو مقبول وما لم يصح منها فهو مردود, قال الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى إذا حديث الثقة عن الثقة إلى أن ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ثابت ولا يترك