أبلغ رد على المؤلف وأبي رية وغيرهما من دجاجلة العصريين الذين قد جعلوا كعب الأحبار ووهب بن منبه غرضاً لسهامهم الخبيثة وسلما لرد الأحاديث الصحيحة واطراحها.
وأما قوله وحتى نعلم أن هذه الأحاديث حبك للكلام وصناعة محددة لوضع الأمويين.
فجوابه أن يقال من أكبر الخطأ وأسفه السفه معارضة المؤلف للأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وزعمه أنها من حبك الكلام والصناعة المحددة لوضع الأمويين, وهذا الكلام من المؤلف يدل على شدة عداوته للسنة وأهلها.
وأما قوله أخرج أبو داود من حديث ابن مسعود (وابن مسعود مظلوم ضروري) رفعه, تدور رحى الإِسلام 35 سنة أو ست وثلاثون أو سبع وثلاثون فإِن هلكوا فسبيل من هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعون عاما.
فجوابه من وجهين أحدهما أن يقال إن حديث ابن مسعود رضي الله عنه صحيح رواه الإِمام أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «تدور رحى الإِسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين فإن يهلكوا فسبيل من هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما» قال قلت أمما مضى أم مما بقي قال «مما بقي» قال الحاكم صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي في تلخيصه.
قال الخطابي دوران الرحى كناية عن الحرب والقتال شبهها بالرحى الدوارة التي تطحن الحب لما يكون فيها من تلف الأرواح وهلاك الأنفس, وقال ابن الأثير إن كان أراد سنة خمس وثلاثين من الهجرة ففيها خرج أهل مصر وحصروا عثمان رضي الله عنه وجرى فيها ما جرى وإن كانت ستا وثلاثين ففيها كانت وقعة الجمل وإن كانت سبعا وثلاثين ففيها كانت وقعة صفين انتهى.
وقوله «وإن يقم لهم دينهم» قال الخطابي يريد بالدين ههنا الملك, قال ويشبه أن يكون أريد بهذا ملك بني أمية وانتقاله عنهم إلى بني العباس وكان ما بين أن استقر الأمر لبني أمية إلى أن ظهرت الدعوة بخراسان وضعف أمر بني أمية ودخل الوهن فيهم نحواً من سبعين سنة انتهى.