بحيث كان يتابع أبا رية على تخبيطه وجهله ويعتمد على أوهامه وتخرصاته, ومن ذلك زعمه أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يعاصر النبي صلى الله عليه وسلم إلا عاما وتسعة أشهر, وهذا خطأ واضح وجهل فاضح لأن أبا هريرة رضي الله عنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما فتح خيبر وكان ذلك في أول سنة سبع من الهجرة.
وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعدما افتتحها» الحديث, فعلى هذا يكون أبا هريرة رضي الله عنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع سنين وزيادة أيام, وروى ابن سعد في الطبقات عن حميد بن عبد الرحمن قال صحب أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين, وروى ابن سعد أيضاً عن قيس بن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «صحبت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين ما كنت في سنوات قط أعقل مني ولا أحب إلي أن أعي ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مني فيهن».
والجمع بين هذه الرواية والرواية قبلها أن أبا هريرة رضي الله عنه ذكر الزمن الذي كان ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم فيه وهو ثلاث سنين وأسقط السنة التي غاب فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.
وأما ما نقله المؤلف تبعاً لأبي رية عن ابن حزم أنه قال إن مسند تقي بن مخلد قد احتوى من حديث أبي هريرة على 5374 روى البخاري منها 446.
فجوابه أن يقال أما قوله «تقي بن مخلد» فصوابه «بقي بن مخلد» بالباء الموحدة لا بالتاء المثناة, وقد وقع هذا التصحيف من المؤلف لا من أبي رية.
وأما العدد الذي ذكره ابن حزم فلا يستكثر مثله من أبي هريرة رضي الله عنه لأنه قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين وكان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخدمه ويدور معه حيث دار, وكان حريصاً على أخذ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحرص على الحديث والعلم كما في صحيح البخاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة