وسلم والأحاديث الموقوفة على الصحابة رضي الله عنهم, وهذا من عدم الأمانة في النقل. وقد تابع المؤلف أبا رية على خيانته لغباوته وكثافة جهله.
الوجه الثاني أن يقال قد تكلم العلامة المحقق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في كتابه «الأنوار الكاشفة» في سند هذا الخبر وقال إنه غير صحيح, قال ومحمد بن زرعة لم أجد له ترجمة والمجهول لا تقوم به حجة, وكذا إسماعيل إلا أن يكون الصواب إسماعيل بن عبيد الله بالتصغير ابن أبي المهاجر فثقة معروف لكن لا أدري أسمع من السائب أم لا, وفي البداية عقبه قال أبو زرعة وسمعت أبا مسهر يذكره عن سعيد بن عبد العزيز نحواً منه لم يسنده, قال المعلمي وسعيد لم يدرك عمر ولا السائب. هذا ومخرج الخبر شامي, ومن الممتنع أن يكون عمر نهى أبا هريرة عن الحديث البتة ولا يشتهر ذلك في المدينة ولا يلتفت إلى ذلك الصحابة الذين أثنوا على أبي هريرة ورووا عنه وهم كثير منهم ابن عمر وغيره, هذا باطل قطعاً وأبو هريرة كان مهاجراً من بلاد دوس والمهاجر يحرم عليه أن يرجع إلى بلده فيقيم بها فكيف يهدد عمر مهاجراً أن يرده إلى بلده التي هاجر منها, وقد بعث عمر في أواخر إمارته أبا هريرة إلى البحرين على القضاء والصلاة كما في فتوح البلدان للبلاذري ص 92 - 93 وبطبيعة الحال كان يعلمهم ويفتيهم ويحدثهم انتهى.
وقال شيخ الإِسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في جواب له في الرد على من تكلم في أبي هريرة رضي الله عنه وهو في المجلد الرابع من مجموع الفتاوى ص 532 - 539 وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستدعي الحديث من أبي هريرة ويسأله عنه ولم ينهه عن رواية ما يحتاج إليه من العلم الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ولا توعده على ذلك, ولكن كان عمر يحب التثبت في الرواية حتى لا يجترئ الناس فيزاد في الحديث, ولهذا طلب من أبي موسى الأشعري من يوافقه على حديث الاستئذان مع أن أبا موسى من أكابر الصحابة وثقاتهم باتفاق الأئمة انتهى.
وأما قول المؤلف تبعاً لأبي رية وكان علي يقول إنه لكذاب فجوابه أن يقال لم يذكر أبو رية من روى ذلك عن علي رضي الله عنه ولا الكتاب الذي وجد ذلك فيه والظاهر أن ذلك من أكاذيب أبي رية ووضعه, وقد نقل المؤلف ذلك من كتاب