قول المؤلف تبعاً لأبي أن أبا هريرة وابن عباس رضي الله عنهما كانا يسألان كعبا عن الحديث ويرويان عنه.
الوجه الثاني أن يقال إن أبا هريرة وابن عباس رضي الله عنهما لم يتعلما من كعب شيئاً مما يتعلق بأمور الدين وإنما سمعا منه أشياء تحتمل الصدق فحكياها عنه أو سألاه سؤال خبير ناقد لينظرا ما يقول, وقد رد عليه أبو هريرة رضي الله عنه لما أخطأ في ساعة الإِجابة يوم الجمعة حتى رجع كعب إلى الصواب, ورد عليه ابن عباس رضي الله عنهما فيما ذكره الزمخشري في الكشاف لما قال أن السموات تدور على منكب ملك, ورد عليه ابن مسعود وحذيفة في ذلك أيضاً, وقد تقدم ذكر ذلك قبل هذا الفصل بأربعة فصول فليراجع (?).
وإذا علم هذا فنقول إن كعب الأحبار لا يبلغ في العلم إلى موضع الكعب من أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما فضلاً عن أن يكونا من تلاميذه.
الوجه الثالث أن يقال إن كلام المؤلف تبعاً لأبي رية ظاهر في التنقص لأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما والسخرية منهما حيث زعم أبو رية والمؤلف أنهما من تلاميذ كعب الأحبار, ولا شك أن هذا فيض مما في قلوبهما من الغيظ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد قال الله تعالى في صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليغيظ بهم الكفار) فمن كان في قلبه غيظ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية.
الوجه الرابع أن يقال إذا أطلق الحديث فالمراد به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولم أر من طريق صحيح ولا ضعيف أنا أبا هريرة وابن عباس رضي الله عنهما سألا كعباً عن شيء من الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا رويا عنه شيئاً من ذلك وإنما حكيا عنه بعض الشيء مما نقله من كتب أهل الكتاب, ومن ادعى أنهما سألاه عن شيء من الحديث المرفوع أو رويا عنه شيئا من ذلك فعليه إثبات ذلك بالإِسناد الصحيح ولن يجد إلى ذلك سبيلاً.
الوجه الخامس أن يقال إن الله تعالى قد أغنى أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم بالرواية عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وسؤاله عما أشكل عليهم وبرواية بعضهم