وقد زاد أبو رية في أثناء حديث جبير بن نفير جملة من عنده وهي قوله «وهي حاضرة الأمويين» وقد نقلها المؤلف من كتاب أبي رية وأقرها, وهذه الجملة هي الموضوع في الحديث وما سواها من الحديث فليس بموضوع وإنما هو حديث ضعيف, وقد ذكرت ما يعضده ويقويه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه, وفي هذا رد على من زعم أنه من الموضوعات التي قيلت إرضاء لبني أمية.

وقد نقص المؤلف كلمتين من أول الحديث فإِنه قال «فإِذا خيرتم فعليكم بمدينة يقال لها دمشق» وصوابه «فإِذا خيرتم المنازل فيها فعليكم بمدينة يقال لها دمشق».

وقد كان المؤلف يشدد في الرواية بالمعنى خشية الزيادة والنقصان كما تقدم ذكر ذلك عنه في أثناء الكتاب, وهو مع هذا يزيد وينقص في حديث جبير بن نفير, فهلا بدأ بنفسه فنهاها عن غيها ومنعها مما كان ينكره على غيره, وقد قال الشاعر وأحسن فيما قال:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

وأما قوله وقد جعلوا دمشق هذه هي الربوة في القرآن التي قال الله عنها (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) وذلك في حديث مرفوع.

فجوابه أن يقال ليس في تعيين الربوة حديث مرفوع كما قد زعم ذلك المؤلف تقليداً لأبي رية. وإنما جاء في ذلك أقوال عن بعض الصحابة والتابعين, أحدها أنها دمشق رواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه وسعيد بن المسيب والحسن وزيد بن أسلم وخالد بن معدان ومقاتل. والثاني أنها غوطة دمشق قاله مجاهد والضحاك, والثالث أنها بيت المقدس رواه عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه قال قتادة وكعب, وروى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) قال المعين الماء الجاري وهو النهر الذي قال الله تعالى (قد جعل ربك تحتك سريا) , والرابع أنها الرملة من أرض فلسطين قاله أبو هريرة رضي الله عنه, والخامس أنها مصر قاله وهب بن منبه وابن زيد وابن السائب, وقد رجح ابن كثير أنها بيت المقدس قال لأنه المذكور في الآية الأخرى والقرآن يفسر بعضه بعضا وهذا أول ما يفسر به ثم الأحاديث ثم الآثار انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015