البصيرة من العصريين يعتمدون على كتاباتهم وهي مما لا يعتمد عليه.
الوجه الخامس أن يقال إذا كان المؤلف لا يشك أن الواجب يقضي ويفرض عليه تبرئة النبي صلى الله عليه وسلم مما قاله المستشرقون ويفرض عليه تطهير سنة النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الموضوعة, فما باله يعكس الأمر فيمدح المستشرقين ويزعم أن عندهم من العلم بالإِسلام والمسلمين ما ليس عند كثير من المسلمين, وما باله يحمل أقبح الحمل على بعض الأحاديث الصحيحة فيطعن فيها ويردها بمجرد الهوى ويعرض عن الأحاديث الموضوعة فلا يذكرها ولا يطعن في شيء منها. وربما أورد منها في بعض المواضع ما يوافق هواه فيصححه ويعتمد عليه, فهل هذا هو المفروض عليه؟ وهل في أفعاله السيئة تطهير لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والجواب أن يقال إن المؤلف قد نبذ المفروض عليه وراء ظهره وأتى بما يخالفه, ويقال أيضا إنه يجب تطهير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ألصقه بها المؤلف وأبو رية وأشباههما من أهل الإِلحاد والشك والتشكيك, ويجب أيضا تنزيه الصحيحين وغيرهما من الكتب الشهيرة عند المسلمين كالسنن والمسانيد المشهورة مما زعمه المؤلف من وصول الموضوعات إلى صفحاتها, ويجب أيضا تنزيه الثقات الأثبات الذين جمعوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتنوا بتنقيتها من الأحاديث الموضوعة مما رماهم به المؤلف من السذاجة التي معناها الغباوة والتغفيل, ولا شك أن المؤلف وأبا رية وأشباههما من الذين يصغون إلى أكاذيب المستشرقين ويغترون بما ينشرونه من زخرف القول أولى بوصف السذاجة والغباوة والتغفيل.
فصل
وقال المؤلف في صفحة (40) و (41) ما ملخصه:
الوضع لنصرة المذاهب في أصول الدين وفروعه - إلى أن قال - وليت أسباب الوضع لنصرة المذاهب محصورة في المبتدعة وأصل المذاهب في الأصول, بل من أهل السنة المختلفين في الفروع من وضع أحاديث كثيرة لنصرة مذهبه أو تعظيم إمامه, وإليك حديثا واحداً وهو (يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس) ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي) , وهنا اضطرت الشافعية إزاء ذلك إلى أن يرووا في إمامهم حديثا يفضلونه على كل إمام. وهذا نصه: قال رسول الله - ص - (أكرموا قريشا فإِن عالمها يملأ طباق