ينقصون منها وكلا الأمرين شديد الخطر على الدين, وقد جاء الوعيد الشديد لمن كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمداً, وجاء التشديد أيضا على رد الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعارضتها بالقرآن, وقد تقدم ذكر الأحاديث في ذلك في الفصل الثالث في أول الكتاب فليراجع (?).
الوجه الثالث أن المؤلف رمى علماء الحديث بالسلبية التي معناها السكوت عن إنكار تثبيت الأحاديث الموضوعة في المراجع من كتب الحديث ومعاملتها في تلك المراجع معاملة الأحاديث الصحيحة, وهذا إنما يكون من أحد شيئين إما الغباوة والتغفيل من المخرجين ومن العلماء الذين أقروهم وسكتوا عنهم, وإما قلة العناية والاهتمام بالسنن وإقرار ما يلصق بها من الأحاديث الموضوعة, والجواب عن هذه الفرية أن نقول (سبحانك هذا بهتان عظيم) (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً) فليس في الصحيحين ولا في غيرهما من أمهات الكتب شيء من الأحاديث الموضوعة. وقد أعطى الله تعالى كبار المحدثين من النباهة والذكاء والفطنة ما فاقوا به كثيراً من الناس, فلا تخفى عليهم أحاديث الكذابين والوضاعين ولا تروج عليهم, وأعطاهم الله من العناية والاهتمام بالأحاديث وتمييز الصحيح من الضعيف والواهي والموضوع وبيان الكذابين والوضاعين والتحذير منهم ما هو معلوم عند أهل العقول السليمة والعدل والإنصاف, وإنما السلبية كل السلبية في تلامذة الإفرنج من العصريين ومن يقلدهم من الأغبياء المغفلين الذين لا يميزون بين الأحاديث الصحيحة والأحاديث الموضوعة, ومنهم المؤلف وأبو رية وأشباههما من أعداء السنة وحملتها, فهؤلاء يخطبون خبط عشواء فيصححون الأحاديث الضعيفة والموضوعة ويعتمدون عليها إذا كانت موافقة لآرائهم أو آراء من يعظمونه من شيوخهم وغير شيوخهم من المسلمين وغير المسلمين, ويطعنون في الأحاديث الصحيحة ويزعمون أنها من الدس الإِسرائيلي إذا كانت مخالفة لآرائهم أو آراء من يعظمونه من شيوخهم وغير شيوخهم من المسلمين وغير المسلمين, فهؤلاء يدورون مع الأهواء حيثما دارت بهم وقد قال الله تعالى (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين).