يحدث فاستمع الزبير حتى قضى الرجل حديثه فقال الزبير أنت سمعت هذا من رسول الله فقال الرجل نعم فقال الزبير هذا وأشباهه مما يمنعنا في أن نتحدث عن النبي, قد لعمري سمعت هذا من رسول الله وأنا يومئذ حاضر ولكن رسول الله ابتدأ بهذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حديثه يومئذ فجئت أنت بعد انقضاء صدر الحديث وذكر الرجل الذي هو من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول الله, وقال بسر بن سعد اتقوا الله وتحفظوا في الحديث فو الله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله - ص - ويحدثنا عن كعب ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ويجعل حديث كعب عن رسول الله (ص 436 جـ2 سير أعلام النبلاء للذهبي).
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال ما زعمه المؤلف من مناقضة الصحابة بعضهم بعضاً في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو زعم كاذب, والأثر الذي استدل به على ذلك ليس فيه ما يصلح دليلاً على ما ذهب إليه فضلاً عن أن يكون دليلاً قاطعاً.
الوجه الثاني أن يقال إن الأثر الذي أورده عن الزبير رضي الله عنه ضعيف جداً. قال المعلمي رحمه الله تعالى في رده على أبي رية أسنده البيهقي في الأسماء والصفات «أخبرنا أبو جعفر الغرابي أخبرنا أبو العباس الصبغي حدثنا الحسن بن علي بن زياد حدثنا ابن أبي أويس حدثنا ابن أبي الزناد عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة بن الزبير أن الزبير بن العوام سمع رجلاً» قال المعلمي أبو جعفر لم أعرفه والصبغي هو محمد بن إسحاق بن أيوب مجروح وابن أبي الزناد فيه كلام وعبد الله بن عروة ولد بعد الزبير بمدة فالخبر منقطع وكأنه مصنوع انتهى.
ولو ثبت أثر الزبير رضي الله عنه لم يكن فيه سوى الإِنكار على من لم يتثبت في الرواية وليس فيه ما يدل على المناقضة.
وأما قول بسر بن سعيد فليس فيه سوى الحث على التحفظ في الرواية وليس فيه تأييد لما زعمه المؤلف من مناقضة الصحابة بعضهم بعضاً في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث أن يقال من عجيب أمر المؤلف أنه قد استدل لقوله الباطل