- ثم ذكر روايات أبي جحيفة وإبراهيم التيمي عن أبيه للصحيفة التي كانت عند علي رضي الله عنه فيها العقل - أي الدية - وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر وفيها أشياء غير ذلك في رواية التيمي - ثم قال في صفحة (29) و (30) ولنا الحق بعد تقديم هذا المثال على أن الحديث النبوي كان يروى بالمعنى وليس بالنص وأن باب النقل بالمعنى هو الذي جاءنا بالزيادات وبالنقص في كلام رسول الله - ص - أقول إن لنا الحق أن نقول كلمتين. الكلمة الأولى نقول فيها مَنْ مِن المسلمين العقلاء يصدق أن تكون هذه الروايات كلها صحيحة وهي ثمانية روايات مختلفة وواردة كلها بهذا الاختلاف في صحيح البخاري. فأي معنى وأي حقيقة تكون وراء ذلك التناقض الصريح في كلام ينسب لرسول الله ويأتينا في أصح موارد الحديث إلا أن يكون أمر الحديث وموضوعه كان يؤخذ بغير عناية ولا التفات إلى ما يترتب على ذلك وأنه جاءنا من طرق الوضع والدس لغرض واحد هو التضليل ولهذا أفرغه الوضاعون في عدة روايات متباينة في الألفاظ حتى يموهوا على المسلمين وحتى يظل باب الدس مفتوحاً أمامهم دون أن تغلقه عقول المؤمنين. وأي شيء أعجب من أن يكون البخاري شيخ واحد وكتابه سجل واحد والحديث أيضاً في موضوع واحد وبعد ذلك تأتي الروايات الثمانية فيه مختلفة اختلافا صريحاً في اللفظ والمعنى.
أما الكلمة الثانية فإِنا نقول فيها قطعاً ويقيناً بأن ما جاء في تلك الرواية المختلفة هو الدليل على وجود الكذب على رسول الله - ص - وعلى صاحبه وابن عمه علي بن أبي طالب وأن علياً لو أراد أو أمره النبي أن يدون حديثاً لضاقت بحصيلة وعيه الكتب والمجلدات. ولقد كان لديه من القضايا ما هو أهم من عقل الإِبل أمام بيت صاحب الدم وما هو أهم من تسنينها وهو التوحيد وما يتشعب عنه, فهل آن لنا أن نعطي لكلام نبينا كل اهتمامنا الذي يصفيه من الكذب الإِسرائيلي.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها في بيان ما جاء في كلام هذا الجاهل المركب من اللحن وفساد التعبير, فمن ذلك قوله (في ثماني روايات) وصوابه (في ثمان روايات) ومن ذلك قوله (وهي ثمانية روايات) وصوابه (وهي ثمان روايات) ومن ذلك قوله (أن يكون البخاري شيخ واحد وكتابه سجل واحد) وصوابه أن يكون البخاري شيخاً واحداً وكتابه سجلاً واحداً) ومن ذلك قوله (وبعد ذلك تأتي