الوجه الثاني أن يقال قد اختلف في سماع إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف من عمر رضي الله عنه والراجح أنه لم يسمع منه. قال البيهقي في سننه لم يثبت له سماع من عمر.

قلت ويؤيد هذا أن المصنفين في أسماء الرجال ذكروا أنه توفي في سنة خمس وتسعين أو ست وتسعين وله من العمر خمس وسبعون سنة فعلى هذا يكون مولده قبل موت عمر رضي الله عنه بسنتين أو ثلاث سنين. ومثل هذا السن يبعد أن يحفظ فيه الصبي شيئاً فتكون الرواية عن إبراهيم مرسلة والمرسل ليس بحجة.

الوجه الثالث أنه ذكر فيه عبد الله بن حذيفة ولا يعرف في الصحابة أحد بهذا الاسم فضلا عن أن يكون من المكثرين للحديث وهذا يدل على أن هذا الأثر موضوع.

الوجه الرابع أن أبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر ليسوا من المكثرين بالنسبة إلى أبي هريرة وعائشة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم فيبعد جداً أن يخصهم عمر بالإِنكار على نشرهم للحديث ويترك الذين هم أكثر منهم حديثاً فلا ينكر عليهم.

الوجه الخامس أن يقال إن الصحابة رضي الله عنهم قد انتشروا في الآفاق وكل منهم يحدث بما عنده من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت في أثر صحيح أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة كلهم ولا أنه أنكر عليهم نشرهم للحديث. فهذا الأثر الذي رواه ابن عساكر في جمع الصحابة من الآفاق يظهر عليه أثر الوضع والتركيب.

الوجه السادس أن يقال لو كان عمر رضي الله عنه جمع الصحابة من الآفاق وأنكر عليهم نشرهم للحديث وأمرهم أن يقيموا عنده لكان ذلك مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله وينتشر ذكره في الآفاق. ولما لم يأت ذكر ذلك إلا في أثر مرسل ضعيف الإِسناد دل ذلك على أنه لا أصل له.

الوجه السابع أنه ذكر في هذا الأثر أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة من الآفاق ثم لم يذكر سوى أربعة أحدهم مجهول لا يعرف له ذكر في الصحابة وهذا أوضح دليل على أن هذا الأثر موضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015