وإذا علم هذا فليعلم أيضًا أن كل فرقة من فرق أهل الأهواء والبدع تستحسن بدعتها وتدعو إليها وترى أنها هي التي على الحق ومن سواها فهم على الباطل، فإذا كان ابن علوي والرفاعي ومن كان يرى رأيهما قد زعموا أن الاحتفال بالمولد حسن ومطلوب شرعًا فإن الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم من أهل الأهواء والبدع لا يتوقفون عن استحسان بدعهم وعن الدعوى أنها مطلوبة شرعًا وسواء قالوا ذلك بلسان الحال أو بالمقال، وليس أحد من أهل البدع ومنها بدعة المولد، إلا وهو مبطل فيما يدعيه من تحسين بدعته ومشروعيتها.
الوجه السابع: أن يقال إن ابن علوي والرفاعي قد حرفا في آخر كلام ابن مسعود، رضي الله عنه حيث قالا: «وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح» وقد ذكر ابن علوي والرفاعي أن الإمام أحمد أخرجه والذي في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى هو ما ذكرته في الوجه السادس ولفظه «وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيء».
الوجه الثامن: أن يقال إن استدلال ابن علوي والرفاعي على تحسين بدعة المولد ومشروعيتها بقول ابن مسعود رضي الله عنه ليس بمطابق وإنما هو في الحقيقة من تحريف الكلم عن مواضعه، ومن تأمل كلام ابن مسعود رضي الله عنه، عرف أنه إنما أراد به الصحابة رضي الله عنهم، ولم يرد به من بعدهم، وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم قد أجمعوا على بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورأوا ذلك حسنًا وأجمعوا على بيعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أبي بكر رضي الله عنه، ورأوا ذلك حسنًا وأجمعوا على تسمية عمر رضي الله عنه، ومن بعده من الخلفاء بأمير