الآيتين مع الآيات الدالة على إحباط أعمال الكفار دليل على أن أبا لهب لا ينتفع بإعتاقه ثويبة؛ لأن أعماله كلها حابطة، وقد جعلت هباء منثورًا وكالرماد الذي قد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وفيها أيضًا أبلغ رد على ما جاء في خبر عروة.
الوجه السادس: أن يقال إن أبا لهب كان من أشد الناس عداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد البعثة، وكان يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد الأذى، وعلى تقدير أن يكون قد فرح بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه أعتق ثويبة لما بشرته بولادته، فإن عداوته للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد البعثة ومبالغته في أذيته تهدم كل ما كان أسلفه من الفرح والسرور بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعتق ثويبة وغير ذلك من الأعمال الحسنة إن كان له أعمال حسنة، ومن كان بهذه المثابة فلا يتعلق بالرؤيا التي ذكرت عنه ويستدل بها على جواز الاحتفال بالمولد، إلا من هو بعيد كل البعد عن السداد وإصابة الحق.
الوجه السابع: أن يقال إن نصوص القرآن دالة على أن العذاب لا يخفف عن الكفار، وقد جاء ذلك في عدة آيات منها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}، وأبو لهب ممن تنطبق عليه هاتان الآيتان لشدة كفره بالله وشدة عداوته لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم - وأذيته له، وقد عمّر عمرًا طويلاً وجاءه النذير وهو