والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أمته أن يخذوا يوم مولده عيدًا، وقد نهاهم عن البدع وحذرهم منها، فمن اتخذ يوم مولده - صلى الله عليه وسلم - عيدًا فهو مخالف للآية التي ذكرنا لأنه قد عمل عملاً لم يأمر الله به ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وارتكب ما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من محدثات الأمور.

ومنها قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}: أي عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سبيله ومنهاجه وطريقه وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنًا من كان، ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنًا وظاهرًا {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي في قلوبهم من كفر، أو نفاق، أو بدعة {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي في الدنيا بقتل، أو حد، أو حبس، أو نحو ذلك انتهى.

وفي الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن خالف الأمر الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسواء كان ذلك بزيادة على الأمر المشروع، أو بنقص منه، وقد استدل الإمام مالك رحمه الله تعالى بهذه الآية الكريمة على أنه لا يجوز لأحد أن يجاوز الأمر المشروع ويزيد عليه.

قال الشاطبي في كتاب "الاعتصام": حكي عياض عن سفيان بن عيينة أنه قال: سألت مالكًا عمن أحرم من المدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015