وأما ما ذكره الرفاعي عن السيوطي أنه قال: إن عمل المولد من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها.

فجوابه أن يقال: إن كلام السيوطي مردود بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث التي تقدم ذكرها "وشر الأمور محدثاتها"، وقوله أيضًا: «وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»، وقوله أيضًا: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»، فقد وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - البدع بأنها شر وضلالة، وهذه صفات سيئة ذميمة، وأخبر أنها مردودة على أصحابها، وأنها في النار. وهذا يدل على أن صاحب البدعة لا يثاب على بدعه، بل إنه يخشى عليه من الفتنة والعذاب الأليم؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وكل ضلالة في النار»، والثواب إنما يكون على متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتقديم هديه على هدي غيره، ويدل على ذلك قول الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، وقوله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}، فقد جعل الله تبارك وتعالى اتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم - سببًا لمحبته لمن اتبعه وهدايته ومغفرة ذنوبه، وعمل المولد ليس من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنته، وإنما هو من هدي سلطان إربل وسنته، وذلك بعد زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو من ست مائة سنة، وقد قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى، وأحسن فيما قال:

وهل أفسد الدين إلا الملو ... ك وأحبار سوء ورهبانها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015