وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي (?) .
وروى الطبري وابن هشام ما يفيد أنه خرج من غار حراء بعد ما فوجىء بالوحي ثم رجع وأتم جواره، وبعد ذلك رجع إلى مكة، ورواية الطبري تلقي ضوءا على سبب خروجه وهاك نصها:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ذكر مجيء الوحي: ولم يكن من خلق الله أبغض عليّ من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما، قال: قلت إن الأبعد. - يعني نفسه- شاعر أو مجنون إلا تحدث بها عني قريش أبدا! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها، فلأستريحن! قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد!! أنت رسول الله، وأنا جبريل. قال: فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا جبريل في صورة رجل صافّ قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد! أنت رسول الله وأنا جبريل. قال:
فوقفت أنظر إليه، وشغلني ذلك عما أردت، فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي، ولا أرجع ورائي، حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، حتى بلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مقامي، ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي (?) حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا إليها (ملتصقا بها مائلا إليها) فقالت: يا أبا القاسم! أين كنت؟ فوالله لقد بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي، ثم حدثتها بالذي رأيت، فقالت: أبشر يا ابن عم، واثبت، فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة (?) ، ثم قامت فانطلقت إلى ورقة وأخبرته. فقال: قدوس قدوس، والذي نفس ورقة بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له: فليثبت، فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة، فلما قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم جواره وانصرف (إلى مكة) لقيه ورقة، وقال بعد أن سمع منه خبره:
والذي نفسي بيده، إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى (?) .