كمال الأبّهة، حتّى إذا رآه الواحد على بعد لم يشك أنّه بيت مجد وإمارة. ومذ دخلناه رأينا فيه إشارة برقية أرسلها إلينا صاحب العطوفة فخري باشا والي حلب فاستلمناها وقرأنا فيها سؤال عطوفته عن وقت قيامنا من حمص، وعن اليّوم الّذي نصل فيه إلى حلب. فأرسلنا إلى عطوفته إشارة من لدنّا أخبرناه فيها بما كنّا صمّمنا عليه من العدول عن زيارة هذه المدينة، معتذرين إليه بضيق الوقت، مظهرين كبير أسفنا من عدم سنوح الفرصة برؤية حلب الشهباء. وأنه لقد كان في نفسي من أوّل الأمر أن أزور مدينة حلب وأن أقيم فيها يومين، عندما كنت متردداً بينها وبين حماة. ولكنّي، على الرغم من ذلك، جاريت الظروف وقتئذ ونسخت ما كنت رسمته في خطّتي الأولى من مشارفة هذا البلد، مستعيضاً منه مدينة حماة. وعندما جاء وقت الظهر، وكان قد حضر حضرة القائمقام، دعينا إلى المائدة فتناولنا عليها طعام الغداء الشهي. وما لبثنا بعد ذلك إلا قليلاً، ثمّ قدّمت إلينا إشارة برقية أخرى من لدن عطوفة فخري باشا، يذكر فيها أنّ جميع أعيان حلب ووجهائها قد كلّفوا عطوفته أن يرجونا بالنيابة عنهم أن نجيب طلبهم إلى زيارة بلدهم، إلى أن قال: وإن لهم وطيد الأمل وكبير الرجاء في أن لا يحرموا من تلك الزيارة الجليلة، وأنهم منتظرون بفروغ الصبر إجابة تسرّهم، وإلا فإنّهم مستعدّون جميعاً للحضور بأنفسهم إلى مدينة حمص لكي ينالوا رغبتهم ويحصلوا على غرضهم. وإذ ذاك لم يسعني حيال هذا الكرم الكبير سوى أن أعدل خطّتي مرّة ثانية وأستردّ عزيمتي على زيارة مدينتهم، فأرسلنا إلى عطوفة الباشا الوالي رسالة برقية نشعره بما صار إليه عزمنا من قبول ملتمسه بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن حضرات من كلفوه ذلك، مع إبداء مزيد الشكر والامتنان لمعروفه ومعروف

أبناء حكومته المخلصين.

ثمّ توجّهنا إلى زيارة المدرسة الإسرائيلية لمناسبة أنّ مؤسّسيها كانوا قد طلبوا إلينا زيارتها. وقد وجدنا في اِستقبالنا عدداً كبيراً من تجّار الحمصيّين في مدينة طنطا. وعندما دخلنا أخذ جميع الحاضرين يهتفون لنا بالدعوات تارةً وبالتحيّة والترحيب تارة أخرى. وبعد أن جلسنا في قاعة الاستقبال بين المحتشدين، قام بعضهم يذكر بين أيدينا قصائد ومقالات بليغة كانت كلّ عباراتها تدور حول الترحيب بنا والثناء علينا. وإنّا نقتطف منها ما نراه يناسب رحلتنا مبتدئين بالمقالة الّتي قدّمها إلينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015