قضيت نحو ثلاثين صيفاً في جو البلاد الأوربية حيث تربّيت في مدارسها صغيراً، ثمّ تجوّلت في سياحتها كبيراً، فطوّفت حول حواضرها وقراها كثيراً حتّى إنّي بمعونة الله لم أدع شيئاً من آثارها التاريخية، ومعاهدها العلمية، ومعاملها الصناعية إلى غير ذلك ممّا يهمّ السائح أن يتعرّفه في تلك البلاد إلا زرته وأخذت منه بالقدر الأوفى والنصيب الأوفر، ثمّ ما من مرّة كنت أزور فيها هذه البلاد إلا وكنت أجتمع بملوكها وأمرائها وأعيانها ووجهائها، وإلا كنت أردّد النظر حول رياضها المنتسقة ومناظرها البديعة، ولقد ساعدني حسن الحظّ أخيراً على زيارة بلاد اليابان والصين، وهناك وضعت رحلتي اليابانية الّتي فصّلت فيها سياحتي لقراء العربية تفصيلاً، وقد كنت إبّان هذه الرحلات العديدة والأسفار المفيدة أذكر بعض البلاد الإسلامية الّتي لا تزال حتّى اليوم مستقلّة في أيدي المسلمين وتحت سيطرتهم، فكنت أحنّ إليها حنين الشارف على ولدها، وأودّ من صميم قلبي لو أن يجعل الله لي نصيباً من زيارتها، بل كثيراً ما هممت بمشارفتها ونهضت لذلك نهوضاً لولا أن صعوبة المواصلات، وما لعلّه يكون من بعد الشقّة وعدم توفر وسائل الراحة ووسائط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015