ومما نزل عليه - عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الجن والإنس، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف" (?).
فيجب على كل مسلم أن يؤمن بأن الله أكمل لهذه الأمة دينها، وأن رسوله - صلى الله عليه وسلم - قد أقام الحجة وأوضح المحجة، وبلغ عن ربه ما أمره بتبليغه.
ولقد كان من أعظم ما بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصادر المعرفة والتلقي وما يصح اعتباره منها وما لا يصح.
وكان مما أخبر به أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له، وبين حقيقتها أتم البيان.
فجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة في الرؤى، بعضها في تعظيم شأن الرؤيا الصالحة، وأنها من مبشرات النبوة، وجزء من أجزاء النبوة، وبعضها في رؤيا الأنبياء وأنها وحي، وهي أول مبدأ الوحي للأنبياء، وبعضها في رؤيته عليه الصلاة والسلام لربه في المنام، وبعضها في أنواع الرؤى التي من الله، والتي من أحاديث النفس ومن الشيطان، وبعضها في رؤيته عليه الصلاة والسلام في