وقال أبو عباس القرطبي رحمه الله: "الصلاة تجمع ذلك كله؛ لأنه إذا قام فصلى تحول عن جنبه، وبصق، ونفث عند المضمضة في الوضوء، واستعاذ قبل القراءة ثم دعا الله في أقرب الأحوال إليه، فيكفيه الله شرها بمنة وكرمه" (?).

المسألة الثانية: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنها لا تضره»:

هذا إخبار بأن من فعل ما أمر به إذا رأى الرؤيا المكروهة، واجتنب ما نهى عنه من التحديث بها فإنها لا تضره؛ لأن الله تعالى جعل هذه الأشياء سببًا لسلامته من كل مكروه يترتب على تلك الرؤيا، كما جعل الصدقة وقاية للمال، وسببًا لدفع البلاء، إذا فعل ذلك مصدقًا ومتكلا على الله سبحانه في دفع المكروه.

ولهذا قال أبو سلمة رحمه الله: "إني كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل، فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أباليها".

وفي بعض الروايات قال أبو سلمة: "إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني. قال: فلقيت أبا قتادة فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... الحديث".

وقوله: "فما كنت أباليها" أي فما التفت إليها، ولا ألقي لها بالاً (?).

وفي بعض الروايات، قال أبو سلمة: "كنت أرى الرؤيا أعرى منها، غير أني لا أزمل حتى لقيت أبا قتادة، فذكرت له ذلك".

وذكر المازري في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنها لن تضره» قولين:

الأول: أن معنى تضره، أن الروع يذهب بهذا النفث المذكور في الحديث، إذا كان فاعله مصدقًا به متكلاً على الله جلت قدرته في دفع المكروه عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015