ومن أمثلة ذلك: أن سبب رجوع الإمام أبي الحسن الأشعري (?) رحمه الله عن مذهب الاعتزال، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم حيث قال: وقع في صدري في بعض الليالي شيء مما كنت فيه من العقائد، فقمت وصليت ركعتين، وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم، ونمت فرأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليك بسنتي، فانتبهت!! وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه وراء ظهري (?).
وإذا كان هذا هو موقف أهل الحق، فهناك من غلا في الرؤى، فطوائف غلت في الإفراط، وطوائف غلت في التفريط، وكل هؤلاء الغلاة خالفوا ما ذكرته من المنهج الصحيح في الرؤى.
أما أصحاب الغلو في الإفراط فهم الذين رفعوا الرؤى عن مكانتها فاعتبروها مصدرًا للتلقي والتشريع؛ ينقضون بها شرع الله، فقد يحلل أحدهم الحرام أو يحرم الحلال بناء على رؤيا رآها، وقد يدعي بعضهم علم الغيب الذي تفرد الله به بسبب رؤيا رآها أو رآها غيره.