وكان متحقّقًا بالعربيّة عارِفًا بالآداب درَّسهما كثيرًا، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بليغًا، ونالتْه وَحْشةٌ من قِبَلِ القاضي أبي محمد بن أحمدَ الوحيدي (?) لأمورٍ تُقُوِّلَتْ عليه اضْطرّتْه إلى التحوُّل عن مالَقةَ إلى قُرطُبة، فسَكَنَها نحوَ أربعةِ أعوام ثم استمالَ جانبَ الوحيديِّ حتى لانَ له وخاطَبَه بالعَوْدِ إلى وطنِه فرجَعَ مُكرَّمًا مبرورًا إلى أنْ وَليَ خُطَّةَ القضاء أبو الحَكَم [الحسين] (?) ابن حَسُّون فاختَصَّ به وبآلِه وحَظِيَ لديهم، ثم توَجَّه إلى مَرّاكُشَ عقِبَ الطّارئ على آلِ ابنِ حَسُّون، فاستَخْلصَه أبو محمد عبدُ المؤمن بن عليٍّ لتأديبِ بنِيه فسَمَا قَدرُه وعَظُمَ صِيتُه وارتقَى محَلُّه، وأقام على ذلك إلى أنْ توفِّي بعدَ الستينَ وخمس مئة بيسير في مَرّاكُش، ومن نَظْمِه في حين اغترابِه [وافر]:

تُفاجئُني الحوادثُ كلَّ يوم ... فتُعْجِمُني حصاةً لا تُهَدُّ

فيا لَلهِ ما أصبَى فُؤادي ... ولكنّي على الأيام جَلْدُ

وفي معناه [المتقارب]:

تَدارَكَني العيدُ في غربةٍ ... تنكّرْتُ (?) فيها على مَن معي

فأُلبِستُ فيه ثيابَ الضَّنى ... وأَفطرْتُ فيه على أدمُعي

ومنه ما أنشَدَه أبو الحجّاج الثَّغْريُّ قال: أنشَدَني صاحبُنا الأُستاذُ النَّحويُّ الفاضل أبو العبّاس المالَقيُّ -وُيعرَفُ بابن سيِّد- لنفسِه وكتَبَه لي بخطِّه [الطويل]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015