واللهُ قد شاء أن يكونا ... في جنّةِ الخُلدِ خالدَيْنِ

خاب مُعاديهما وفازا ... بفَضْل ما في الشّهادتَيْنِ (?)

هذا يا سيّدَنا رضيَ اللهُ عنكم ما أمَرتُم به من الزّيادة، وما قرَنَه بها مقامُكم الأعلى من شَرْطِ الاستحسان، فليس في وُسع العبدِ أن يَدخُلَ تحتَ هذا الارتهان، ومن الذي يتَعاطَى أن يُجارِيَ أبا الفَرَج عُذوبةَ لفظ [وعُمقَ رَويّة، وجَوْدةَ] نظم ونثر فيما انفرَدَ به من سَجِيّة، ورِقّةَ طِباع [حضَريّة أعانه] على حُسنِ المَساق، لُدونةُ هواءِ العراق، واغتذاؤه [إيّاه] بدوام الاستنشاق، والعبدُ -وسواه- عاقَهُ عن اللَّحاق، البعدُ [عن تلك الآفاق] ومشاهدةُ دَرَنٍ بالعَشيِّ والإشراق (?)، وتنسُّمُ هوائه السابق إلى [الأحداق] لكنّ العبدَ بادَرَ ائتمارًا، لا مدَّعيًا اقتدارًا، ولن يُطبِقَ المَفصِل في مثل ذلك، إلا الشّعراءُ المُفْلِقون، لا الكُتّابُ المُلفِّقون، وسيّدُنا رضي اللهُ عنه يوسعُ [عبدَه] عُذرًا، ويُسدلُ عليه للإغضاءِ سَتْرًا، إن شاء اللهُ تعالى، وهو سبحانَه ينظمُ المشارقَ والمغاربَ في سلكِ مُلكِه، ويعُمُّ بإنعامِه كلَّ عبدٍ تشرَّف بالاعتزاءِ إلى مُلكِه بمَنِّه وكرَمِه.

وعاد نَجْمُ الدّين إلى الأندَلُس، ودخَلَ منها في كرَّتِه هذه إشبيلِيَةَ، ثم قَفَلَ إلى سَبْتة، وخاطَبَ أبا المُطرِّف يُعلِمُه بذلك، فكتَبَ إليه أبو المُطرِّف من سَلا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015