لمذهبِ الفَضْل مدرسة، وحفظُه لكُتُب البلاد فِهرِسة؛ مَن جالَسَه ساحَ به حيث ساح، وناوَلَه من أخبارِ البلاد مُسنداتِها الصِّحاح؛ فأدنَى منه صينَها، وعَرَضَ عليه نَصيبِينَها (?)، وأحَلَّه بَلْخَ (?) وما إليها، ونزَلَ به الكَرْخ (?) وما حوالَيْها؛ وقَطَعَ به السَّماوةَ (?) ومَهامِهَها، وأراه الغُوطةَ (?) وخمائلَها وفواكهَها، ومِصرَ ومنازهَها، وأقرأهُ سُوَرَ البسيطة وفقَهَه (?) مُتشابهَها، ثم عاجَ به على البلدِ الحرام، ومرَّ به على مواقفِ آبائه الكرام، واعتَمرَ به من التنعيم، ومشَى مَعه على زَمْزمَ والحَطِيم، [وحمَلَه] (?) إلى تُربةِ جَدِّه مُسلِّمًا على الحَسَن مترحِّمًا على الحُسَين؛ ونقَلَه إلى مَسْراهُ - صلى الله عليه وسلم - حيث كان قابَ قوسَيْن؛ وكم وَعَى من أعجوبة، وكشَفَ من خبيئةٍ محجوبة؛ وغريبةٍ مكتوبة؛ وقد قَصَدَ تلك الحَضْرة (?) حَرسَها الله، لينتهيَ إلى موضع الفائدة من خبرِه، ويبلُغَ الصّفَّ الأوّلَ من صَلاة سَفَرِه؛ وهناك يَحقِرُ من الممالك ما عايَن، ويوجبُ على كلِّ متعالٍ مَرَّ به أن يَتَطامن. وسيّدي وَقَى اللهُ كمالَه من العَيْن، يبَرُّه إذا اجتازَ به في موضعَيْن، أحدُهما: يليه بنفْسِه كما هو المعتاد، والآخر: يُسندُه إلى أخيه المبارك ونِعمَ الإسناد؛ فمجدُه -حفِظَه اللهُ- المجدُ المؤثَّل، ومكانُه من تلك الدار المكرَّمة المكانُ المؤمَّل، وللوارِدينَ عليها أملٌ به أعلقوه، وشكرٌ عليه أطلقوه؛ والمسؤولُ من الأخ الكريم وصَلَ اللهُ سعادتَه دَيْنٌ عليه في ذِمّتِه، وزَيْنٌ لحَسَبِه يسمو إليه بهمّتِه، إن شاء الله".