وذكرْتَ أمرَ قُرطُبةَ مُستفهِمًا، ودعَوْتَ بيُمن النُّقلة إليها متهمّمًا، واللهُ تعالى يمُنُّ بإجابةِ دعائك، ويَجودُ بالرِّضا عنك وإرضائك، وكأني بك قد ألمَمتَ بمُطَهَّرِ تلك العَرَصات، وظِفرتَ بآمالِك المُقتنَصات، وقد حَمَّلتُكَ أمانةَ الدعاء في كلِّ مشهدٍ تشهدُه، ومعَ كلِّ عمل تقصِدُه، وعلى إثْرِ كلِّ خاطرٍ تَطلُبُه فتجدُه، فذلك من أبرِّ ما أُعِدُّه وأعتمِدُه، وأوثقِ ما أُلجئُ ظَهْرَ عملي إليه وأُسنِدُه، أبقاك اللهُ معترِفًا للمزيد في علمِك وعملِك، متلقِّيًا للجديد فالجديد من سُرورِكَ وجَذَلِك، مترقِّيًا إلى أعلى الغايات ما بين حالِك ومستقبلِك إن شاء الله، والسلام.
وأخبرني بهذه الرسالةِ شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني (?) رحمه اللهُ عن مُنشئها، ونَقلتُها من خطِّ المقيِّد الضابطِ أبي عَمرو بن سالم (?) راويها عن مُنشئها أيضًا، وعليها خطُّ الكاتبِ أبي زيدٍ المذكور، وهؤلاءِ الأشياخُ: الكاتبُ والمكتوبُ إليه ومُقَيِّدُه ثلاثتُهم من جُملة شيوخ شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله (?).
وأخبارُ هذا الشّيخ أبي العباس كثيرة، وآثارُه بالبلاد المشرِقية أثيرة، ومنافعُ ما أجراه اللهُ على يدَيْه بالحرَمَينِ الشريفَيْن وغيرهما من جاري الصَّدَقاتِ وجليل الأوقافِ شهيرة (?).