وقال أبو عبد الله ابنُ عبد الحقِّ (?) فيه: زاهدٌ [كبير] , بَلَغَ من التقلُّل من الدنيا الغايةَ القُصْوى والنهايةَ العُليا.

وقال [أبو محمدٍ ابنُ] عبد المؤمن (?): كانت له بفاسَ زوجة، فكان يَزُورُها، فصادَفْتُه بها، [وسعَيْتُ إليه] في موضعِه زائرًا متبرِّكًا في جُملة من الأصحاب، واستجَزْناه فأنعَمَ، وكنتُ قد لقِيتُه قبلَ ذلك قاصدًا المسجدَ الجامعَ وعليه ثيابٌ خُشْنٌ وفي رِجلَيْه بُلغةٌ خَلِقة وعلى رأسِه قطعةُ ثوبٍ وَسِخ، وعهدي به في سُوق الحلفاءِ والناسُ يجتازون، فكلُّ مَن وقَعَت عينُه عليه بقِيَ شاخصًا فيه لا تُطاوعُه قَدَماهُ على الذهابِ عنه، ثم جلَستُ في جملةٍ من الطّلبة تذاكَروهُ وعَزَموا على قصدِه للاستجازة، فأخَذوا يتواصفونَه بشَراسةِ الخُلُق ويَهابُونَ الإقدامَ عليه، ثم عَزَموا على قَصْدِه، فأخَذوا يَدعُونَ اللهَ في طُول طريقِهم إليه أن يَكفيَهم سُوءَ خُلُقِه، فلمّا دخَلْنا عليه رأينا رجلًا أحسَنَ الناس خُلُقًا وقابَلَنا بكلِّ بشر، وعَلِم قصْدَنا فأنعَمَ ووَعَدَ بكلِّ خير، وفي غالب ظنِّي أنه استَدعى لنا شيئًا فأكَلْناهُ عندَه، ثُم انصَرَفْنا وأتَيْناهُ في اليوم الثاني فقابَلَنا بمِثل ذلك البِشر ووَعَدَنا واعتَذرَ لنا بشُغل فأتَيْناهُ في اليوم الثالث فوجَدْنا الإجازةَ مكتوبة.

قال: وقلّما انكشَف عن أهل سَبْتةَ بَلِيّةٌ إلّا على يدِه، وعهدي به وقد سِيقَ أهلُ مَنُرْقَة أسرى وهم مِئُونَ (?)، فأُخلِيَتْ لهم فنادقُ وسُدَّت أبوابُها دون الناس وتُرِكوا يموتونَ جُوعًا، فاستغاث الناسُ بأبي الحُسَين وقالوا: جماعةٌ من المسلمينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015