وكذلك حَظِيَ عندَ سائر ملوكِ الأندَلُس في تردُّدِه عليهم أو [استقرارِه عندَهم] , وبعدَ الحادثِ على المعتمِد بن عَبّاد لَحِقَ بسَرَقُسْطةَ في جَناب المقتدِر بالله أحمدَ ابن المُستعين بالله سُليمانَ بن أحمدَ بن محمد بن هُود الجُذَاميِّ ثم ابنِه الحاجبِ أبي عامرٍ يوسُفَ ثم ابنِه المُستعين أبي جعفرٍ أحمد، وله فيهم أمداحٌ كثيرةٌ دوِّنت في مجلّد متوسِّط، ثم صار بأخَرةٍ إلى مَيُورْقَةَ في كنَفِ صاحبِها ناصِر الدّولة أبي مَرْوانَ مُبشّر بن سُليمان، وخاطَبَه وهو بها أبو محمد عبدُ الجَبّار بن حَمْدِيسَ من بعض بلادِ إفريقيّةَ بقصيدةٍ (?) بارعة قرَّظَه فيها وبالَغَ في الثناءِ عليه فألفاه رسُولُه وقد مَسَّه الكِبَر واستَولَى عليه الهَرَم حتى ضَعُفت مُنّتُه وعَجَزَ عن إجابتِه، ووقَفَ بعضُ أصحابِ ابن حَمْديس على تلك القصيدة فقال له: قد حَططتَ نفْسَك عن مرتبةِ أبي العَرَب، فقال له ابنُ حَمدِيس: هو في نفسي أجَلّ وقَدْرُه عندي أعظم إلى شاختِه وحُرمةِ البلديّة التي جمعَتْنا ولم أخرُجْ معَ ذلك عن سَنَن أهل الأدب، فأقام بذلك عُذرَه، وقال: صَدقْت. وأقام أبو العَرَب بمَيُوْرقَةَ إلى أن توفِّي سنةَ ستٍّ وخمس مئة، وقد تقدَّم في رَسْم أبي بكر بن عيسى ابن اللَّبّانة (?) أنه دُفنَ إلى جَنْبِه، وأنه كان دَحْداحًا (?)، وأنّ أبا العَرَب كان طُوالًا رحمه الله.