قبلُ (?)، وكان كبيرَ أطبّاءِ الرّشيد والمُدِلَّ عليه والكثيرَ الخَلْوةِ به، فألقَى إليه أبو البَركاتِ ما نالَهُ من فَقْدِ الجِراية التي كانت تَجري له وجَهِلَ سببَه، فتلطّفَ أبو إسحاقَ ابنُ الحجرِ في إلقاءِ قضيّتِه إلى الرّشيد بعدَ رَصْدِه ساعةَ بَسْطٍ منه، وقال له: يا سيّدي، عبدُكم الغريبُ المُنقطِعُ إلى جانبِكم الفارسيُّ هُو ممّن شملَني وإيّاه نَسَبُ الاغتراب والأَوْيُ إلى كنَفِكم العزيز، وهو معَ ذلك جاري الجُنُب، ذَكَرَ لي ما عِيلَ له صَبْرُه وضاق من أجلِه ذَرْعُه، وذلكم توقُّف ما كان يَجري عليه من إنعامِكم منذُ ثلاثةِ أشهرٍ ولا يعرِفُ موجبَه، فتبسَّم الرّشيدُ وقال له: كيف يكونُ هذا ونحن نرى، وهو أنّا أحوَجُ إليه منه إلينا، فأكبَرَ ابنُ الحجرِ هذا الجوابَ، وقال: معاذَ الله يا سيّدي، وأنّى يُمكنُ هذا؟ فرَفَعَ الرّشيدُ طَرَفَ بِساطِه الذي كان جالسًا عليه، وأخرَجَ من تحتِه مقالةَ أبي البركاتِ في صَنْعةِ الكيمياء، وقال له: من وَصَلَ إلى هذا العلم أو هذا العمل فالملوكُ مُفتقِرونَ إليه، فلمّا وقَفَ ابنُ الحجرِ على بعضِ مضمَّنِها سُقِطَ في يدِه ولم يُحرِ جوابًا إلّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015