بسِكّين كان في يدِه، ولمّا فَرَغَ القارئُ من قراءتِه، أقبَلَ المأمونُ على أبي الحَسَن جرمون، وأبي عليّ بن وقاريط، وكانا مقيمَيْ دعوته، واستصغاهما إلى ما يَجري بينَه وبينَ أولئك الحاضِرينَ من أكابر الدولة، ومعظمُهم من الهنتاتيِّينَ وأهلِ تينمال، وقال لقاضيه أبي زيدٍ المَكّادي (?): اقرَأْ هذه البيعةَ على هؤلاءِ الأشياخ، فقرَأَها عليهم، فلمّا فَرَغَ من قراءتِها قرَّرهم عليها، وقال لهم: أأنتمُ اجتمعتُم على مُبايعتي فيها ومخُاطبتي بما تضمَّنتْه؟ فقالوا: نعم، فدَفَعَ إلى القاضي كتابًا بعدَ كتاب من الكتُب التي كانوا قد كتَبوا إليه فقرَأَه، فكلّما فَرَغَ من كتاب قَرَّر كاتبه عليهً فأقرَّ بكَتْبِه إيّاهُ حتى أتى على آخِرِها، فقال: أيُّها القاضي، احكُمْ بيني وبينَ هؤلاء، فإنّهم قَتلوا أخي وعمي وبايَعوني عامةً وخاصّة، ثم نكثوا بيعتي وقَتلوا خليفتي ومن امتَنَع مِن نَكْثِ بيعتي، ولو أنهم دَعَوْني أولًا إلى مُبايعةِ ابن أخي لكنتُ أولَ مُبادرٍ إليها، ولم أتخلَّفْ على ما يَدخُلونَ فيه طرفةَ عَيْن حَسْمًا للخلاف، وإطفاءً لنارِ الفتنة، وقد كان [في نفسِه على أهل] (?) تينمالَ حقدٌ لسببٍ يشنُعُ إيرادُه، وقد قيل لبعض القضاة: [ما ... حكومة؟] (?) فقال: إنفاذُ حكومًةِ عدوٍّ في عدوّ، فقال القاضي: أسمعتُم [مقالةَ أمير المؤمنين]؟ قالوا: نعم، فقال لهم: ما جوابُكم عليها؟ فقالوا: لا جوابَ لنا عليها [إلّا رجاءَ العَفْوِ من] سيِّدِنا أميرِ المؤمنين، فقال لهم: إنّ من جناياتِكم المسرودةِ عليكم [ما لا يجوزُ فيها] العفوُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015