ولمّا [تحسَّسوا] ذلك واستَشْعَروه، سَعَوْا في تخلُّصِهم منه بقتلِه، فدَسُّوا عليه من سمَّه فمات، وقد تقَدَّم الإيماءُ بذلك في رَسْم أبي إسحاقَ بن الحجر (?).
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: جَرى قبلَ هذا استباحةُ أبي الحَسَن سكْنى دار العُثمانيّ، بعدَ سعيِه في قتلِه وقتل ابنِه، فرأيتُ إيرادَ قصّتِها؛ لئلا يتشوَّفَ إليها مُتشوِّفٌ، ولأنّها من أغربِ ما جَرى في ذلك الوقت، وقد وَقَفْتُ عليها في خطِّ أبي الحَسَن نفسِه:
قال أبو الحَسَن: كان بمَرّاكُشَ طالبٌ يذكرُ أنه عثمانيُّ النَّسَب من ذُرِّية عثمانَ ابن عَفّانَ رضيَ اللهُ عنه (?)، وكان موثقًا شاهدًا بحَوْمةِ أجاديرَ (?) من مَرّاكُش، وكان له ابنٌ صغيرٌ يُذكَرُ بنُبل وذكاءٍ وتصرُّف في علوم على صِغَرِ سِنِّه، ثم ذُكِرَت عنه أشياءُ شنيعة، منها: أنّ بعضَ الطلبةِ أخبَرني أنه بَلَغَه أن قائلًا قال في النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم -: لا نبيَّ بعدَ محمد، هو خاتمُ النبيين، فقال: ليس هو خاتمَ النبيئين، هذه كلمةٌ قد قالها موسى وعيسى، فبَعثْتُ عن أبيه، فلمّا حضَرَ عندي سألتُه عما نُسِب إليه من الأقوال، وقلتُ له: بَلَغَني أنه قال في نبيِّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: هو خاتمُ النبيئينِ، هذه كلمةٌ قد قالها موسى وعيسى؛ [فأنكَرَ أنّ ذلك] كان، وحَلَف من الأيمان ما أوجَبَت في الحالِ تصديقَه، والحملَ على الطالبِ الحاكي عنهُ، ثم قلتُ له: فهاتِ الآنَ حديثَ ابنِك،