القاطعةَ بكلِّ صِنفٍ عنه: من الفقهاءِ والفقراءِ والصُّوفيّة في العوامّ، فكلٌّ قام عليّ وسَعَى في إهلاكي فنَصَرَ اللهُ عليهم وعَصَمَ فضلًا منهُ ورحمة؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الدِّينُ النَّصيحة، لله ورسُولِه ولأئمّة المسلمينَ وعامَّتِهم"، ذَكَره في "صحيح مسلم".

وقال فيها: رأيتُ في المنام كأنّ القيامةَ قد قامت، وقد ماجَ الناسُ، فسَمِعتُ قراءةَ القرآنِ في عِليِّينَ، فقلت: مَن هؤلاءِ الذين يقرَأونَ القرآنَ في مثلِ هذا الوقتِ ولا خَوْفٌ عليهم؟ فقيل لي: هم حَمَلةُ القرآن، فقلت: وأنا منهم، فأُدلِيَ لي سُلَّم فرَقِيتُ فيه إلى غُرفةٍ في عِلِّيِّينَ فيها كبارٌ وصغارٌ يقرَأونَ القرآنَ على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيمَ الخليل، فقَعدْتُ بينَ يدَيْه وافتتَحْتُ القرآنَ آمِنًا لا أعرِفُ خَوْفًا ولا هَوْلًا ولا حسابًا، ولا أدري ما همُ الناسُ فيه من الكَرْب في الحَشْر؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أهلُ القرآن هم أهلُ الله وخاصّتُه"، وقال تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37].

وقال فيها: دخَلتُ بإشبيِليَةَ على الشّيخ الوَرِع الصّالح أبي عِمرانَ موسى بنِ عِمرانَ المارْتُليِّ، فأخبَرْتُه بأمرٍ سُرَّ به واستَبْشَر، فقال لي: بَشَّرك اللهُ بالجنّة كما بشَّرْتَني، فلم تمضِ أيامٌ حتى رأيتُ بعضَ أصحابِنا في المنام ممّن كان قد مات، فقلتُ له: كيف حالُك؟ فذَكَرَ خيرًا، في كلامٍ طويل، ثم قال لي: وقد بَشَّرَني اللهُ بأنّك صاحبي في الجنّة، فقلتُ له: هذا في المنام، فهاتِ الدّليلَ على قولِك، فقال: نعَمْ، إذا كان في غدٍ عندَ صلاةِ الظّهر يَطلُبُك السُّلطانُ ليَحبِسَك، فانظُرْ لنفْسِك، فلمّا أصبح وما ثَمّ أمر يوجِبُ عندي شيئًا من ذلك، فلمّا صلَّيتُ الظّهرَ وإذا بالطّلب من السُّلطان، فقلتُ: صَدَقتِ الرؤيا، فاختفَيْتُ خمسةَ عشَرَ يومًا حتى ارتفَعَ ذَلك الطّلب، وهذا من بَرَكةِ دعاءِ الصّالحين.

توفِّي أبو بكرٍ هذا بدِمشقَ سنةَ سبع وثلاثينَ وست مئة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015