الناصِريّ وابنُ معمَر، وأبو عَمرٍو الخَضِرُ، وأبو الفَضْل بن شَرَف، وأبَوا محمد: الرّشاطيّ وابن عَطِيّة. ولم يَمِلْ إلى طلبِ هذا الشأنِ إلّا بعدَ أن جاوَزَ الثلاثينَ من عُمرِه ففاتَه الأخْذُ عن جماعةٍ وافرة ممّن أدرَكَ من شيوخ عصرِه.
رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن وأبو بكر بن خَيْر، وهُو في عِدَاد أصحابِه (?)؛ وكان مَوْسومًا بالفَضْل مُتَصاوِنًا منقبِضًا كثيرَ الحَياء والصَّمت والمُثابَرة على وظائفِ الخير والبِرِّ بأصحابِه، مائلًا إلى الصّالحينَ وأهل التصوّف يُهاديهم ويُتحفُهم في أماكنِهم وُيحسنُ نُزُلَ من ألَمَّ به منهم ويُسارعُ إلى قضاءِ حوائجِهم بمالِه ونفسِه. وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ من العلم، وعُنيَ أخيرًا بالتقييد وروايةِ الحديث، وله "برنامَجٌ" ضمَّنَه رواياتِه و"رسالةٌ في الفِتن والأشراط"، ومصنَّفٌ جَمَع فيه "كلامَ شَيْخِه أبي العبّاس بن العَرِيف نثرًا ونظمًا" (?)، وآخَرُ جمَعَ فيه "كلامَ الزاهد أبي عبد الله بن يوسُفَ السَّبْتيِّ ابنُ الأبّار ورسائلَه وحِكَمَه"، وغيرُ ذلك من التقاييد.
وُلد يومَ الاثنينِ في العَشْرِ الوُسَط من ربيعٍ الأوّل سنةَ ست وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي قريبَ الزَّوال من يوم الاثنينِ لأربعَ عشْرةَ بقِيَتْ من المحرَّم [عامَ] ثمانيةٍ وأربعينَ وخمس مئة.
سَمِع أبا داودَ الِهشَاميَّ وغيرَ واحدٍ من أصحابِ المغَامِيّ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا تصدَّر لذلك في حياة شيخِه أبي داود.