وكَنَاهُ ابنُ الأبّار أبا محمد، وكان يُلقَّبُ في أيام رِياستِهم عزَّ الدولة. رَوى ببلدِه في إمارة أبيه عن أبي عبد الله مالكِ بن وُهيْب وتأدَّب به، وأبي الحَسَن بن الأخضَر، وأخَذ عِلمَ الطبّ عن أبي الحَسَن شِهاب بن محمد المُعَيْطيّ، وغُرِّب بخَلْع أبيه مُنتقلًا معَه إلى العُدوة، فصَحِبَ مالكَ بن وُهيْب ثانيةً بمَرّاكُش، وتفقَّه به ورَوى عنه الحديثَ ولازَمَه مختصًّا بصُحبتِه.
وكان خيِّرًا فاضلًا وَقُورًا حسَنَ الهدي معروفَ النّزاهةِ والجلالة والعدالة، وَلِيَ صَلاةَ الفريضة بجامع مَرّاكُش واستُنيبَ في الخُطبة به دهرًا، ثم آثَرَ التخلِّيَ عن ذلك كلِّه والانقباضَ واختار التحوُّل إلى تادلَى فتوفِّي بها بعدَ العشرينَ وخمس مئة.
رَوى عن أبي الحَسَن العَبْسي، وأبي داودَ المُقرِئ، وأبي القاسم عبد الوهّاب ابن محمد بن عبد الوهّاب.
تَلا عليه أبو الحَسَن نَجَبةُ، ورَوى عنه؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، تصَدَّر لذلك طُولَ عُمرِه بمسجدِ عَرَفةَ بمقرُبة من باب البَيّاسِينَ (?) من إشبيلِيَةَ وحدَّث [27 ظ] بيسير.
كان رجُلًا صالحًا خيّرًا، مُصحَفيًّا بارعَ الخَطّ مُجيدَ الضَّبط مُقتدًى به في ذلك متنافَسًا فيما يَكتُبُ منه ومُتَغالًى به.
توفِّي بجزيرة شُقْرَ بعد سنةِ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة، وكان قبرُه بها معروفًا مَزُورًا مُتَعرَّف البرَكة إلى أن تغَلَّب عليها الرُّوم.