وكتَبَ إليه أبو الحَجّاج ابنُ الشَّيخ رضي اللهُ عنهُما بمُقَطَّعاتٍ من شعرِه، وفصُول من نَثْرِه، يَستفهمُه فيها، كما جرَتْ بينَهما به العادة، أدام اللهُ لهما السّعادةَ، وسأَلهُ أن يَكتُبَ له بما أمكَنَ من كلامِه وقَدَّم بينَ يدَيْ مطلَبِه ذلك هذه الأبياتَ اللُّزوميّات [الخفيف]:

املإِ الطِّرسَ سِحرَ نظمٍ ونثرٍ ... ملأَ اللهُ طِرسَكمْ حَسناتِ

إنْ بعثْتُم لنا بما لاحَ منهُ ... فبما عنَّ لي ولاحَ سِناتِ

والقبيحَ اجتَنِبْهُ في ذاك لا تَأْ ... تِهِ ما اسْطَعْتَ صاحِ والحُسنَ

فكتَبَ إليه أبو محمدٍ رحمه اللهُ بما حضَرَ من كلامِه نظمًا ونثرًا وكتَبَ معَه [الخفيف]:

قد بعَثْنا إليكَ نظمًا ونثرًا ... جَلَّ هذا وذا عن السَّقَطاتِ

ولكَمْ جاهلٍ له صوتُ عَيْرٍ ... وتَراهُ يَعيبُ جَزسَ قَطاةِ

قلَّ إنصافُهُ وصافَى غُواةً ... كلُّهم قائلٌ له السَّقَطاتِ

ومحاسنُه كثيرةٌ أثيرة، ولاستطابتِها أورَدنا منها ما أورَدْنا، ولولا خوفُ الخروجِ عن مقصدِ الكتاب لأتَيْنا منها بأكثرَ ممّا جئنا به، وفي هذا القَدْر كفايةٌ وشهادَةٌ على مكانِه من هذا الفنّ (?) [26 ظ]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015