قال اللَّه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} التوبة: 122.
قال أبو جعفر:
يقول تعالى ذكره: ولم يكن المؤمنون لينفروا جميعًا. وقد بينا معنى الكافة بشواهده وأقوال أهل التأويل فيه فاغنى عن اعادته فى هذا الموضع.
ثم اختلف أهل التأويل فى المعنى الذى عناه اللَّه بهذه الآية، وما النفر الذى كرهه لجميع المؤمنين؟ فقال بعضهم: هو نفر كان من قوم كانوا بالبادية، بعثهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمون الناس الإسلام، فلما نزل قوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} انصرفوا عن البادية الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، خشية أن يكونوا ممن تخلف عنه، وممن عنى بالآية، فأنزل اللَّه فى ذلك عذرهم بقوله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} وكره انصراف جميعهم من البادية الى المدينة (?).