الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَاعِدَةِ ازْدِحَامِ الْمَصَالِحِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ الْجمع بَينهَا فالسواك لإجلاب الرَّبِّ تَعَالَى حَالَةَ خِطَابِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ تَطْهِير الأفواه لمخاطبة العظماء تَعْظِيمًا لَهُمْ وَالْخُلُوفُ مُنَافٍ لِذَلِكَ فَيُقَدَّمُ السِّوَاكُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَعْنَاهُ لَأَوْجَبْتُهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَصْلُحُ لِلْإِيجَابِ وَانْتِفَاءُ الْإِيجَابِ لِلْمَشَقَّةِ وَهُوَ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْخُلُوفِ مَا يُخَصِّصُهُ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ حَدِيثَ الْخُلُوفِ إِنَّمَا كَانَ نَهْيًا عَنْ عَدَمِ مُحَادَثَةِ الصَّائِمِ لِأَجْلِهِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّهِيدَ غَيْرُ مُنَاجٍ لِرَبِّهِ وَلِأَنَّهُ جرحه أَشد من الدَّم فَلَا يوثر زَوَالُهُ بَلْ بَقَاؤُهُ يُوجِبُ مِنْ رَبِّهِ الرَّحْمَةَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ سُؤَالٌ اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَيَعْلَمُ الْخُلُوفَ مُنْتِنًا فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَهُ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ جَوَابُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْخَلْفَةَ طَيِّبَةٌ بَلْ تَشْبِيهَ الْحَسَنِ الشَّرْعِيِّ بِالْعُرْفِيِّ أَيْ هَذَا الْمُنْتِنُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ أَفْضَلُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَ الطَّبْعِ إِمَّا لِصَبْرِ الصَّائِمِ عَلَيْهِ وَالصَّبْرُ عَمَلٌ صَالِحٌ أَوْ لِلسَّبَبِ فِيهِ بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ وَإِلَّا فَالْخُلُوفُ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ حَتَّى يُمْدَحَ عَلَيْهِ أَوْ يمدح فِي نَفسه