الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَلَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَيْسَ بِذَنْبٍ كَقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ تَرَتُّبَ الْعِبَادَاتِ وَالْحُقُوقِ فِي الذِّمَمِ هُوَ تَكْلِيفُ تَشْرِيفٍ لَا إِثْمٌ وَعُقُوبَةٌ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ النَّدَمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَالْإِقْلَاعُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ عَمَّا تَابَ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ النَّدَمُ وَحْدَهُ تَوْبَةً فِي حَقِّ الْعَاجِزِ عَنِ الْعَزْمِ وَالْإِقْلَاعِ كَمَنْ كَانَ يَعْصِي بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ فَعميَ أَو بِالزِّنَا فجب لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فَيجب النَّدَم وَحده وَعَلِيهِ حمل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(النَّدَمُ تَوْبَةٌ) أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُعْظَمَهَا النَّدَم كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(الْحَج عَرَفَة) ويتسحب لِلتَّائِبِ إِذَا ذَكَرَ ذَنْبَهُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ أَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ عَلَى فِعْلِهِ وَالْعَزْمَ عَلَى عدم الْعود وَعَلِيهِ حمل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ) وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُذْنِبُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ بَلْ ذَكَرَهُ لِمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُلُوِّ مَنْصِبِهِ ذَنْبٌ لِأَنَّ حَسَنَاتِ الْأَبْرَار سيآت المقربين وَذكره لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ استعظامه لأمرر بِهِ فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ مَنْ لَا يَنْسَى الْحَقِيرَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ حَتَّى يَذْكُرَهُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَبَيْنَ مَنْ يَنْسَى الْعَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَلَا يَمُرُّ عَلَى بَالِهِ احْتِقَارًا لِذُنُوبِهِ وَجَهْلًا بِعَظَمَةِ رَبِّهِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ وُعِظَ فَأَعْرَضَ عَنِ الْمَوْعِظَةِ وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَإِذَا كَانَتِ التَّوْبَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْفَوْرِ فَمَنْ أَخَّرَهَا زَمَانًا عَصَى بِتَأْخِيرِهَا