عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْغِنَى) وَالْفَقْرُ وَالْغِنَى لَيْسَا حَسَنَيْنِ لِذَاتِهِمَا بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِآثَارِهِمَا فِي النَّاسِ قَالَ وَالَّذِي أَرَاهُ تَفْضِيلَ الْغِنَى عَلَى الْفَقْرِ وَتَفْضِيلَ الْفَقْرِ عَلَى الْكَفَافِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {واسألوا الله من فَضله} وَقَوله تَعَالَى {ووجدك عائلا فأغنى} وقَوْله تَعَالَى {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجدوا مَا يُنْفقُونَ} وقَوْله تَعَالَى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَالله يَعدكُم مغْفرَة مِنْهُ وفضلا} وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
(ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ) وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخِرِ عُمْرِهِ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَكَانَ يَدَّخِرُ قُوتَ عِيَالِهِ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قبل ذَلِك وَنهي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن إِضَافَة الْمَالِ وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكُلُّ مَا يتَصَوَّر من الْفَقِير من الصَّبْر والرضى يُتَصَوَّرُ مِنَ الْغَنِيِّ فِي الْإِيثَارِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْغَنَى مِنَ الْقُرُبَاتِ يُتَصَوَّرُ مِنَ الْفَقِيرِ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْتُ إِنَّ الْفَقْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْكَفَافِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَفَافِ يَشْكُرُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْكَفَافِ وَالْفَقِيرُ يُؤْجَرُ مِنْ وَجْهَيْنِ الصَّبْرُ وَالرِّضَا احْتَجُّوا لِتَفْضِيلِ الْفَقْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْر حِسَاب} وَبِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَام وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفُقَرَاءُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ أَيْسَرُ حسابا وَأَقل سؤالا لَا من أبن اكْتَسَبْتَ وَفِيمَا أَنْفَقْتَ