ذَلِكَ فَالسَّائِبَةُ مِنَ السَّيَابِ وَالْبَحِيرَةُ مِنَ الْبَحْرِ وَهُوَ الشَّقُّ وَمِنْهُ الْبَحْرُ لِأَنَّهُ شَقٌّ فِي الأَرْض والحام مِنَ الْحِمَى وَهُوَ الْمَنْعُ وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا وَصَلَتْ أَرْبَابَهَا بِوَلَدِهَا وَقَالَ قَتَادَةُ الْبَحِيرَةُ النَّاقَةُ تَلِدُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ فَإِنْ كَانَ الْخَامِسُ ذكرا كَانَ للرِّجَال دون النِّسَاء أَو اثنى شَقُّوا أُذُنَهَا وَأَرْسَلُوهَا لَا يُنْحَرُ لَهَا وَلَدٌ وَلَا يشرب لَهَا لبن وَلَا تركب والسايبة النَّاقة تسبب وَلَا تُمْنَعُ حَوْضًا تَشْرَبُ فِيهِ وَلَا مَرْعًى تَرْتَعُ فِيهِ وَالْوَصِيلَةُ الشَّاةُ تَلِدُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ فَإِن كَانَ السَّابِع ذكرا ذيح وَأَكَلَهُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى تُرِكَتْ وَقِيلَ الْوَصِيلَةُ الشَّاةُ تَلِدُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ فَيَذْبَحُونَ السَّابِعَ إِنْ كَانَ جَدْيًا وَإِنْ كَانَ عنَاقًا فاستحويهما كِلَيْهِمَا وَقَالُوا الْجَدْيُ وَصِيلَةُ أُخْتِهِ فَحَرَّمَتْهُ عَلَيْنَا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} وَسِرُّ التَّحْرِيمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ فَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِذَلِكَ وَكَيْفِيَّتِهِ فَمُثِّلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّارُ فِي الدُّنْيَا فَرَأَى فِيهَا عَمْرًا مُمَثَّلًا فِيهَا يَجُرُّ قَصَبَهُ وَهِيَ مَصَارِينُهُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ
قَالَ صَاحب الاستذكار اخْتلف فِي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَقِيلَ الْخِلْقَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} أَيْ خَالِقَهَا أَيْ فَارِغٌ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَقِيلَ الِاسْتِقَامَةُ كَقَوْلِ مُوسَى للخضر {أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس} وَكَانَ طفْلا