الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَخْضِبُ وَقَالَ لَهُ بَعْضُ وُلَاةِ الْمَدِينَةِ أَلَا تَخْضِبُ فَقَالَ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنَ الْعَدْلِ إِلَّا أَنْ أَخْضِبَ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ أَعْجَلَهُ الشَّيْبُ فَكَانَ يَخْضِبُهُ وَكَرِهَ السَّوَادَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ أَبَا قُحَافَةَ جِيءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسلم يَوْم الْفَتْح وَكَأن رَأسه ثغمة فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَغَيِّرُوهُ وَجَنِّبُوهُ السوَاد وَقَالَ سعيد ابْن جُبَيْرٍ يَكْسُو اللَّهُ الْعَبْدَ فِي وَجْهِهِ النُّورَ فيطفيئه بِالسَّوَادِ وخضب بِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدُ بَنُو عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَكَانَ عُقْبَةُ بن عَامر مِنْهُم ينشد:
(نسود أَعْلَاهَا وتأبى أُصُولُهَا ... وَلَا خَيْرَ فِي فَرْعٍ إِذَا فَسَدَ الْأَصْلُ)
وَكَانَ هُشَيْمٌ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ فَسُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَجَاءَكُم النذير} فَقَالَ الشَّيْبُ فَقَالَ السَّائِلُ فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ جَاءَهُ النَّذِيرُ مِنْ رَبِّهِ فَسَوَّدَ وَجْهَهُ فَتَرَكَ الْخِضَابَ وَكَرِهَ مَالِكٌ حَلْقَ وَسَطِ الرَّأْسِ وَحْدَهُ لِأَنَّ أَسَاقِفَةَ النَّصَارَى يَفْعَلُونَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ حَلْقُ الْقَفَا لِفِعْلِ النَّصَارَى وَقَالَ (ش) وَ (ح) وَأَحْمَدُ إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ أَفْضَلُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهره وَيرد عَلَيْهِم قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ الْعَمَلُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَدِينَةِ وَحِلَاقُ الصَّبِيِّ قَصًّا وَقَفًا أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَيُبْقِي مُقَدَّمَهُ مَفْتُوحًا عَلَى وَجْهِهِ وَمُؤَخَّرَهُ مَسْدُولًا عَلَى قَفَاهُ وَحِلَاقُهُ قَصُّهُ بِلَا قَفًا أَنْ يَحْلِقَ وَسَطَ رَأْسِهِ إِلَى قَفَاهُ وَيُبْقِي مُقَدَّمَهُ مَعْقُوصًا وَكُلُّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْقَزَعِ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ وَالْمُشْرِكُونَ يَفْرِقُونَ شَعْرَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُحِبُّ مُوَافِقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ فَسَدَلَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ