وَالْقَوَاعِدُ وَالْكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ ذُنُوبِ الْقَلْبِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ كُلُّ ذُنُوبِ الْقَلْبِ يَكُونُ مَعَهُ الْفَتْحُ إِلَّا الْكِبْرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُجْبِ أَنَّ الْعُجْبَ رُؤْيَتُهُ لِلْعِبَادَةِ وَالْكِبْرَ رَاجِعٌ لِلْخُلُقِ
الرِّيَاءُ هُوَ إِيقَاعُ الْقُرْبَةِ يَقْصِدُ بِهَا النَّاسَ فَلَا رِيَاءَ فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ كَالتَّجَمُّلِ بِاللِّبَاسِ وَنَحْوِهِ لَا رِيَاء فِيهِ وَإِرَادَة غير النَّاس بالقربة لَيْسَ رِيَاءً كَمَنْ حَجَّ لِيَتَّجِرَ أَوْ غَزَا لِيَغْنَمَ لَا يُفْسِدُ بِذَلِكَ قُرْبَتَهُ وَالرِّيَاءُ قِسْمَانِ رِيَاءُ إِخْلَاصٍ وَهُوَ أَنْ لَا يَفْعَلَ الْقُرْبَةَ إِلَّا لِلنَّاسِ وَرِيَاءُ شِرْكٍ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلنَّاسِ وَهُوَ أَخَفُّهُمَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْإِجْمَاع وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذين هم يراؤن وَيمْنَعُونَ الماعون} وَمَتَى شَمِلَ الرِّيَاءُ الْعِبَادَةَ بَطَلَتْ إِجْمَاعًا لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشَرَكَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ لِلشَّرِيكِ فَإِنْ شَمِلَ بَعْضَ الْعِبَادَةِ وَهِيَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا كَالصَّلَاةِ فَقَدْ وَقَعَ لِلْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهَا تَرَدُّدٌ حَكَاهُ المحاسبي فِي الرِّعَايَة وَالْغَزالِيّ فِي الإحباء وَمَتَى عَرَضَ الرِّيَاءُ فِي الْعِبَادَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا أَمر بِدفع الرقاء وَعَمَلِ الْعِبَادَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَلَصِقَ الرِّيَاءُ بِصَدْرِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْقُرْبَةُ مَنْدُوبَةً تَعَيَّنَ التَّرْكُ لِتَقَدُّمِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمَنْدُوبِ أَوْ وَاجِبَةً أُمِرَ بِمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ إِذْ لَا سَبِيلَ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَأَغْرَاضُ الرِّيَاءِ ثَلَاثَةٌ اسْتِجْلَابُ الْخُيُورِ وَدَرْءُ الشُّرُورِ وَالتَّعْظِيمُ مِنَ الْخَلْقِ وَبَسْطُ هَذَا الْبَابِ وَمُدَاوَاتُهُ إِذَا عَرَضَ مَبْسُوطٌ فِي كِتَابِ الرَّقَائِقِ وَمِمَّا يَلْحَقُ بِالرِّيَاءِ تَرْكُ الْعَمَلِ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ فَإِنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَتَرْكِ الْمُفْسِدَاتِ لَا بِتَرْكِ الْعَمَلِ لِأَجَلِ الْمُفْسِدَاتِ