وَهِيَ نَوْعَانِ مَأْمُورٌ بِهِ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْمَأْمُورُ بِهِ التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحَكَى الْقَاضِي فِي الشِّفَا أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مُعْتَبر من الْإِيمَانِ فَمَنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِمَا مَعَ الْإِمْكَانِ فَهُوَ عَلَى كُفْرِهِ وَإِنْ آمَنَ قَلْبُهُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَأَنَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاجِبَةٌ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْهُورِ وَالتَّلْحِينُ حَرَامٌ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّ ثَمَرَةَ قِرَاءَتِهِ الْخَشْيَةُ وَتَجْدِيدُ التَّوْبَةِ وَالِاعْتِبَارُ بِقَصَصِهِ وَالشَّوْقُ لِوَعْدِهِ وَالْحَذَرُ مِنْ وَعِيدِهِ وَالتَّلْحِينُ يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُطْرِبٌ وَالطَّرَبُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَن مشابهة الأغاني والمطربات لِأَن شَأْنُهَا اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ قِرَاءَتُهُ إِلَى تَفْخِيمٍ وَإِعْظَامٍ فِيمَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِك وَإِلَى تخزين وَتَرْقِيقٍ عَلَى حَسَبِ الْمَوَاعِظِ وَالْأَحْوَالِ الْمُقَرِّرِ لَهَا وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى هَذَا الْقِسْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذكرُوا اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زادتهم إِيمَانًا} وَمِنَ الْمَأْمُورِ إِقْرَاءُ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ فِي الدِّينِ وَتَعَلُّمُهَا وَالْحَثُّ عَلَى الْخَيْرِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ النَّوْعُ الثَّانِي الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَهُوَ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالْبُهْتَانُ وَالْكَذِبُ وَالْقَذْفُ وَالتَّلَفُّظُ بِفُحْشِ الْكَلَامِ وَإِطْلَاقُ مَا لَا يَحِلُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ أَوْ أَنْبِيَائِهِ أَوْ مَلَائِكَتِهِ أَوِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (الْخِيَانَةُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه) وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنِ اتَّقَاهُ