هَذَا الْكِتَابُ يَخْتَصُّ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يُوجَدُ فِي تَصَانِيفِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ التَّصْنِيفِ لِأَنَّهُ تَقَعُ فِيهِ مَسَائِلُ لَا يُنَاسِبُ وَضْعُهَا فِي رُبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الْفِقْهِ أَعْنِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقْضِيَةَ وَالْجِنَايَاتِ فَجَمَعَهَا الْمَالِكِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ تَصَانِيفِهَا وَسَمَّوْهَا بِالْجَامِعِ أَيْ جَامِعِ الْأَشْتَاتِ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقِيدَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَفْعَالُ وَالتُّرُوكُ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ
قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وُجُوبُ النَّظَرِ وَامْتِنَاعُ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ لَمْ يَرَ بِالتَّقْلِيدِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ عِنْدَ أَوَّلِ بُلُوغِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا هُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ حَيٌّ بِحَيَاةٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ مُرِيدٌ بِإِرَادَةٍ عَالِمٌ بِعِلْمٍ سَمِيعٌ بِسَمْعٍ بَصِيرٌ بِبَصَرٍ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ وَأَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَاجِبَةُ الْوُجُودِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ عَامَّةُ التَّعَلُّقِ فَيَتَعَلَّقُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ وَإِرَادَتُهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ وَعِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَبَصَرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الموجودات