الْمَقْصِدِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ هِيَ أَنَّ جِهَةَ الْكَعْبَةِ تَكُونُ شَرْقًا فِي قطر وغربا فِي قطر وكل نقطة تفرض بَين الْمشرق وَالْمغْرب من جِهَةِ الشَّمَالِ أَوِ الْجَنُوبِ فَهِيَ جِهَةُ الْكَعْبَةِ لقوم وعَلى ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ نُقْطَةٍ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِالطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ وَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُ الْإِسْطِرْلَابِ وَلَا الطُّرُقِ الهندسية بل إِن حصلت فَهِيَ حسن لِأَنَّهَا مُؤَكدَة للحق لَا مبطلة لَهُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَذكره مَالك عَن عمر فِي الْمُوَطَّأِ خَاصًّا بِبَعْضِ الْأَقْطَارِ فَإِنَّ اتِّبَاعَ ظَاهِرِهِ يُوجِبُ كَوْنَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ قِبْلَةً لِكُلِّ أحد وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع وَبِأَن الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ لَيْسَا قِبْلَةً لِأَحَدٍ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَنَحْوِهِمَا فِي جِهَةِ الْجَنُوبِ وَعَلَى الْيَمَنِ وَنَحْوِهِ فِي جِهَة الشمَال فَإِن هَذِه الأقطار الْبَيْتُ مِنْهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمْ فَلَا يُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ إِذَا تَوَجَّهَ قِبَلَ الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ فَاشْتَرَطَ فِي اسْتِعْمَالِ الْحَدِيثِ مُصَادَفَةَ جِهَةَ الْكَعْبَةِ وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تستقبلوا الْقبْلَة لبول أَوْ غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا مَحْمُولٌ عَلَى مَا حُمِلَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّشْرِيقَ وَالتَّغْرِيبَ قَدْ يَكُونُ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فَيَنْعَكِسُ الحكم