فَلَهُمُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَطُلِ الْأَمْرُ بَعْدَ الدّفع سِنِين كَثِيرَة الَّتِي يرى فِيهَا أَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ فِيهَا وَانْقَرَضُوا عَنْهُ تَنْبِيهٌ وَافَقَنَا (ح) فِي دُخُولِ الْجَانِي وَمَنْعَهُ (ش) لَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي مَسْلَمَةَ رَأَى رَجُلًا يَرْمِي الْكُفَّارَ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِدِيَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ يُحْمَلُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الْجَانِي وَلِأَنَّ التَّحَمُّلَ لِلنُّصْرَةِ وَالْمُوَاسَاةِ وَهُوَ أَحَقُّ بِنُصْرَةِ نَفْسِهِ وَمُوَاسَاتِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ وَلِأَنَّ كُلَّ غُرْمٍ وَجَبَ بِالْقَتْلِ اسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي التَّحَمُّل طردا وعكسا لِأَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ قَلِيلَهَا وَلَا كَثِيرَهَا فِدْيَةُ الْخَطَأِ وَجَبَ أَنْ تَحْمِلَهَا كلهَا كالجاني فِي الْعمد وَلِأَن أَن الْقَتْل تَارَة يمْنَع العتم كَالْعَمْدِ فِي الْمِيرَاثِ وَتَارَةً يَمْنَعُ الْغُرْمَ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَالْأَوَّلُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا فَالثَّانِي كَذَلِكَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قَتَلَ بِالْحُكْمِ خَطَأً وَكَوَكِيلِ الإِمَام إِذا قتل خطأ وَالْجَوَاب عَن الول الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمْدَ صَادَفَ الْأَصْلَ (وَهُوَ أَنَّ الْجَانِيَ غَرِمَ وَالْخَطَأُ خَالَفَ الْأَصْلَ) غَرِمَ غَيْرُ الْجَانِي فَلَا يُخْرَجُ الْجَانِي مِنْهُ تَعْلَيْلًا بِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ مَنْعَ الْغُرْمِ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَنَاسَبَ أَنْ يوزع على الْجَمِيع والعتم عُقُوبَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَتَوْزِيعُ الْمِيرَاثِ مُتَعَذِّرٌ وَتَوْزِيعُ الدِّيَةِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ أَنَّ وُلَاةَ الْأُمُورِ لَوْ غَرِمُوا مَعَ تَصَدِّيهِمْ للْأَحْكَام لَأَدَّى