خَالَفُوا شُدِّدَ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّ الزِّنَا فِعْلَانِ فَاحْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى شَاهِدَيْنِ وَيَسْأَلُهُمُ الْإِمَامُ فَإِنْ وَصَفَ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ الرَّابِعُ رَأَيْتُهُ بَيْنَ فَخْذَيْهَا حُدَّ الثَّلَاثَةُ لِلْقَذْفِ وَعُوقِبَ الرَّابِعُ وَإِنْ لَمْ يصفوا حدوا للقذف دون الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن شهد اثْنَان أَنه زنى بِهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَقَالَ الْآخَرَانِ قَرْيَةٌ أُخْرَى حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ قَالَ الطوطوشي إِنْ شَهِدَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى فِعْلَيْنِ أَوْ عَنْ موطوئتين قَولَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْظَرُ الْقَاذِفُ وَيَحُدُّهُ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ بِأَنْ فَعَلَ فَأَتَى الْقَاذِفُ بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا فِي وَقْتَيْنِ قُبِلَتْ وَحُدَّ الزَّانِي قَالَ مُحَمَّد إِن ادّعى بَيِّنَة بعيدَة حد وَإِنْ جَاءَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُرْحَةُ وَإِذَا وَصَفَ ثَلَاثَةٌ دُونَ الرَّابِعِ قِيلَ لَا عُقُوبَةَ عَلَى الرَّابِعِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالزِّنَا فِي زَاوِيَة بَيت وَاثْنَانِ زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى لَمْ يُحَدَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ أَتَوْا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ وَقَالَهُ (ش) وَوَافَقَنَا (ح) وَأحمد لنا إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلَدَ أَبَا بكرَة وصاحبيه حِين شهدُوا على الْمُغيرَة بِالزِّنَا وَلَوْلَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ شَرْطٌ لَكَانَ يُنْتَظَرُ الرَّابِعُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي غُرْفَةٍ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَفَتَحَتِ الْبَابَ فَرَأَوْا أَسْفَلَ الدَّارِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ بَيْنَ رِجْلَيِ الْمَرْأَةِ فَقَالُوا قَدِ ابْتُلِينَا بِهَذَا فَلَمَّا خَرَجُوا لِلصَّلَاةِ تَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ وَكَانَ أَمِيرُهُمْ فَقَالُوا لَا نَدَعُكَ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْكَ مَا رَأَيْنَا فَقِيلَ إِنَّ هَذَا وَالِيكُمْ فَاكْتُبُوا فَكَتَبُوا فَدَعَاهُمْ عُمَرُ فَشهد ثَلَاثَة فَلَمَّا تقدم زِيَاد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلٌ شَابٌّ أَرْجُو أَنْ لَا يَفْضَحَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَأَيْت إستا يَرْبُو ونفسا يَعْلُو ورجلان كَأَنَّهُمَا أُذُنَا حِمَارٍ وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ رَابِعٍ فَلَمَّا جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ أَشْهَدُ ألف مرّة أَنه زنى فَهَمَّ عُمَرُ بِجَلْدِهِ مِنَ الرَّأْسِ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَجْلِدَهُ فَارْجُمْ صَاحِبَكَ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ بِمَشْهَدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَانْتَشَرَتْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ وَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا قَذْفًا فَالْأُولَى شَهَادَةٌ فَقَدْ كَمُلَتِ الشَّهَادَاتُ أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَذْفًا فَهَذَا إِعَادَتُهُ فَمَا تَجَدَّدَ شَيْءٌ بَلْ أَعَادَ الْأَوَّلَ وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مُوجِبُهُ وَيُحْتَمَلُ إِنْ جَلَدْتَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَلْدٌ فَارْجُمِ الْآخَرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَجْمٌ فَإِن قيل كَيفَ ساع لَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَنِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَوَجَّهَ الْحَدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتَظِرْ رَابِعًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَخَاهُ نَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَزِيَادًا وَالْمُغِيرَةَ نَزَلُوا فِي دَارٍ فَالْأَمْرُ مَحْصُورٌ بَيْنَهُمْ قُلْنَا لِلْإِمَامِ عِنْدَنَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَيَحْتَالَ لِسُقُوطِ الْحَدِّ وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَاعِزٍ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ وَالتَّحَامُلُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَنْدُوبِينَ إِلَى السَّتْرِ وَالْقَضِيَّةُ جَرَتْ بِالْبَصْرَةِ وَكُتِبَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ عُمَرُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ خَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلَمَّا اسْتُحِبَّ التَّلْقِينُ اسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ فَلَمَّا جَزَمَ بِالْحَدِّ علم مَا قُلْنَاهُ وَلِأَن الْإِقْرَار بِالزِّنَا اخْتُصَّ بِأَمْرَيْنِ التَّصْرِيحُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فَتَخْتَصُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يُؤَكِّدُهَا عَنْ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ وَلِأَنَّهُمْ إِذَا اجْتَمعُوا ثَبت الزِّنَا فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْقَذْفُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شَهدا} وَلَمْ يُخَصَّصْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَقَدْ أجمعنا على الْعَمَل بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَسَقَطَ الْعَمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّا نُؤَكِّدُ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015