بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
وَيتَوَجَّهُ النّظر فِي حَقِيقَة الدَّعْوَى وَشُرُوطِهَا ثُمَّ حَقِيقَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَوَابِهَا ثُمَّ فِي تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ فِيهَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْظَارٍ
فَالدَّعْوَى لُغَةً الطَّلَبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يدعونَ} أَي مَا يطْلبُونَ وَأما فِي الشَّرْح فَهِيَ طَلَبٌ مُعَيَّنٌ أَوْ مَا فِي ذِمَّةِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَمْرٌ يَتَرَتَّبُ لَهُ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا فَالْأَوَّلُ كَدَعْوَى أَنَّ السِّلْعَةَ الْمُعَيَّنَةَ اشْتَرَاهَا أَو غصبت مِنْهُ وَالثَّانِي كالديوان وَالسَّلَمِ ثُمَّ الْمُعَيَّنُ الَّذِي يُدَّعَى فِي ذِمَّتِهِ قَدْ يَكُونُ مُعَيَّنًا بِالشَّخْصِ كَزَيْدٍ أَوْ بِالصِّفَةِ كَدَعْوَى الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوِ الْقَتْلِ عَلَى جَمَاعَةٍ أَوْ أَنَّهُمْ أَتْلَفُوا لَهُ مُتَمَوَّلًا وَالثَّالِثَةُ كَدَعْوَى الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ أَوِ الرِّدَّةَ عَلَى الزَّوْجِ أَوِ الْوَارِثِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَإِنَّهَا لَا مُعَيَّنَةٌ وَلَا فِي الذِّمَّةِ إِنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَقَاصِدُ صَحِيحَةٌ وَقَوْلُنَا مُعْتَبَرٌ شرعا احْتِرَازًا مِنْ دَعْوَى عُشْرِ سِمْسِمَةٍ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُ مِثْلَ هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لِطَالِبِهِ نَفْعٌ شَرْعِيٌّ