قَول البنية بِالْعلمِ اَوْ الراي وَالْعَجَبِ جَعَلَ الظَّنَّ خَيْرًا مِنِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ قَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْبَيِّنَةِ فَيَقْبَلُ مَنْ لَا يَقْبَلُ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ بِمَا نَقله الرُّوَاةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبِمَا سَمِعَهُ الْمُكَلَّفُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يَسْتَوِي فِي حَقِّهِ إِخْبَارُ الْبَيِّنَةِ وَسَمَاعُهُ هُوَ من غير بَيِّنَة أَو رُتْبَة قِيَاسًا عَلَى الرِّوَايَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرِّوَايَةَ تُثْبِتُ شَرْعًا عَامًّا وَالْقَضَاءَ فِي فَرْدٍ لَا يعدى لغيره بحضره أَقَلُّ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ لَفَسَقَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ وِلَادَةَ امْرَأَةٍ على فرَاش رجل فَشهد بِأَنَّهَا مَمْلُوكَة مكنة من وَطْء ابْنَتُهُ وَهُوَ فِسْقٌ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ قَتْلَ زِيدٍ لِعَمْرٍو وَيَشْهَدَ بِأَنَّ الْقَاتِل غَيره فَإِن قتل قَتَلَ الْبَرِيءَ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا لَوْ سَمِعَهُ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِوَاحِدَةٍ إِنْ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ مَكَّنَ مِنَ الْحَرَامِ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اشْتَرَى فَرَسًا فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ يَشْهَدُ لِي فَقَالَ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ لَك يَا رَسُول الله فَقَالَ لَهُ كَيفَ تشهد وَمَا حضرت فَقَالَ خُزَيْمَة يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا عَنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَنُصَدِّقُكَ أَفَلَا نُصَدِّقُكَ فِي هَذَا فَسَمَّاهُ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَا الشَّهَادَتَيْنِ فَهَذَا وَإِنِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَهُوَ يَدُلُّ لَنَا مِنْ جِهَةِ حُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِغَيْرِهِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التُّهْمَةِ مِنَ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قِصَّةُ هِنْدَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ من تَصَرُّفَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَالتَّصَرُّفُ بِغَيْرِهِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفُتْيَا وَلِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى حَاضِرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يعرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015