قَاعِدَةٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ وَالْحُجَجِ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ أَمَّا الْأَدِلَّةُ فَتَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ أَنَّهَا قِسْمَانِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ وُقُوعِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لِأَنَّهَا وُقُوعُ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهَا كَأَدِلَّةِ الزَّوَالِ مِنَ الرُّخَامَاتِ وَمَوَازِينِ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا وَبَسْطُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ يَتَقَدَّمُ فِيهَا الْمُجْتَهِدُ ثُمَّ الْأَوْصَافُ الْمَنْصُوبَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا الْأَدِلَّةُ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ مِنْهَا مَعْقُولُ الْحِكْمَةِ كَنَصْبِ الْإِسْكَارِ عِلَّةً لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِقْتِيَاتِ لِلرِّبَا فَهَذِهِ عِلَلٌ وَتَارَةً لَا تُعْقَلُ حِكْمَتُهَا كَالزَّوَالِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ فَهَذِهِ أَسْبَابٌ ثُمَّ إِذَا دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ وَتَقَرَّرَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ وَعِلَّتُهُ وَتَعَلَّقَ النِّزَاعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِيهِ أَوْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَالْمُثْبِتُ لِذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ أَيْمَانٍ أَوْ إِقْرَارِ حُجَجٍ فَالْحُجَجُ مُتَأَخِّرَةُ الرُّتْبَةِ عَنِ الْجَمِيعِ وَالْأَدِلَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْأَسْبَابُ وَالْعِلَلُ مُتَوَسِّطَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْأَدِلَّةِ وَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحُجَجِ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمِيعِ إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَجَمِيعُ مَا يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ الْمُقَلِّدُ حُجَجٌ إِذَا قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ الْعِلْمُ حُجَّتَهُ بَلْ بَدَلُ الْحُجَّةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحُجَّةِ إِثَارَةُ الظَّنَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ قَامَ مقَام الْحجَّة على مَا سنبين أقوى مَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ